للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الحسن: هو ريحانكم هذا. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: ﴿وَالرَّيحَانُ﴾: خضر الزرع.

ومعنى هذا - والله أعلم - أن الحب كالقمح والشعير ونحوهما له في حال نباته عصف، وهو: ما على السنبلة، وريحان، وهو: الورق الملتف على ساقها.

وقيل: العصف: الورق أول ما ينبت الزرع بقلًا. والريحان: الورق، يعني: إذا أدجن وانعقد فيه الحب. كما قال زيد بن عمرو بن نفيل في قصيدته المشهورة:

[وقولا له: مَنْ يُنْبِتُ الحَبَّ في الثَّرى … فيُصْبحَ منه البقلُ يَهْتَزّ رَابيا؟] [١]

وَيُخْرجُ منْه حَبَّه في رُءُوسه؟ … فَفي ذَاك آياتٌ لمن كَانَ وَاعيا

وقوله: ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾، أي: فبأي الآلاء - يا معشر الثقلين، من الإنس والجن - تكذبان؟ قاله مجاهد، وغير واحد. ويدل عليه السياق بعده، أي: النِّعَمُ ظاهرة عليكم وأنتم مغمورون بها، لا تستطعون إنكارها ولا جحودها، فنحن نقول كما قالت الجن المؤمنون: اللهم، ولا بشيء من آلائك ربنا نكذب، فلك الحمد. وكان [٢] ابن عباس يقول: لا، بأيها [٣] يا رب. أي: لا نكذب بشيء منها.

قال الإِمام أحمد: حدثنا يحيى بن إسحاق، حدثنا ابن لَهِيعة، عن أبي الأسود، عن عروة، عن أسماء بنت أبي بكر، قالت: سمعت رسول الله وهو يقرأ، وهو يصلي نحو الركن قبل أن يَصْدَع بما يؤمر، والمشركون يستمعون [٤]: ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ (٥).

﴿خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ (١٤) وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ (١٥) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (١٦) رَبُّ الْمَشْرِقَينِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَينِ (١٧) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (١٨) مَرَجَ الْبَحْرَينِ يَلْتَقِيَانِ (١٩) بَينَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ (٢٠) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٢١) يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ (٢٢) فَبِأَيِّ آلَاءِ


(٥) - المسند (٦/ ٣٤٩) (٢٧٠٦٧)، قال الهيثمي في "المجمع" (٧/ ١٢٠): رواه أحمد وفيه ابن لهيعة، وفيه ضعف وحديثه حسن، وبقية رجاله رجال الصحيح.