للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: ﴿وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ﴾، أي: كما رفع السماء وضع الأرض ومَهَدها، وأرساها بالجبال الراسيات الشامخات، لتستقر لما على وجهها من الأنام، وهم: الخلائق المختلفة أنواعهم وأشكالهم وألوانهم وألسنتهم، في سائر أقطارها وأرجائها.

قال ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، وابن زيد: الأنام: الخلق. ﴿فِيهَا فَاكِهَةٌ﴾، أي: مختلفة الألوان والطعوم والروائح، ﴿وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ﴾: أفرده بالذكر لشرفه ونفعه [١]، رطبًا ويابسًا. والأكمام قال ابن جريج، عن ابن عباس-: هي [٢] أوعية الطلع. وهكذا قال غير واحد من المفسرين، وهو الذي يطلع فيه القنو ثم ينشق عن العنقود، فيكون بسرًا، ثم رطبًا، ثم ينضج ويتناهى نفعه [٣] واستواؤه.

قال ابن أ بي حاتم: ذُكرَ عن عمرو بن علي الصيرفي؛ حدثنا أبو قتيبة، حدثنا يونس بن الحارث الطائفي، عن الشعبي قال: كتب قيصر إلى عمر بن الخطاب، أخبرك أن رسلي أتتني من قبلك، فزعمت أن قبلكم شجرة ليست بخليقة لشئ من الخير، تخرج مثل آذان الحمير، ثم تشقق مثل اللؤلؤ، ثم تخضر فتكون مثل الزمرّد الأخضر، ثم تحمر فتكون كالياقوت الأحمر، ثم تينع وتنضُج فتكون كأطيب كالوذج أكل، ثم تيبس فتكون عصْمَةً للمقيم وزادًا للمسافر، فإن تكن رسلي صدقتني فلا أرى هذه الشجرة إلا من شجر الجنة. فكتب إليه عمر بن الخطاب: من عمر أمير المؤمنين إلى قيصر ملك الروم: إن رسلك قد صَدَقُوكَ، هذه الشجرة عندنا، وهي الشجرة التي أنبتها الله على مريم حين نفست بعيسى ابنها، فاتق الله ولا تتخذ عيسى إلهًا من دون الله فإن ﴿مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَال لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٥٩) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ﴾ (٤).

وقيل: الأكمام: رفاتها، وهو الليف الذي على عنق النخلة. وهو قول الحسن وقتادة.

﴿وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيحَانُ﴾، قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: ﴿وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ﴾، يعني: التبن.

وقال العوفي عن ابن عباس: ﴿العصف﴾: ورق الزرع الأخضر الذي قطع رءوسه، فهو يسمى العصف، إذا يبس. وكذا قال قتادة والضحاك. وأبو مالك: عصفه: تبنه.

وقال ابن عباس، ومجاهد، وغير واحد: ﴿والريحان﴾، يعني: الورق.


(٤) - في إسناده يونس بن الحارث الطائفي وهو ضعيف.