للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والشفتين، على اختلاف مخارجها وأنواعها.

وقوله: ﴿الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ﴾، أي: يجريان متعاقبين بحساب مُقنَّن لا يختلف ولا يضطرب، ﴿لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾ وقال تعالى: ﴿فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ [١] اللَّيلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾.

وعن عكرمة أنه قال: لو جعل الله نور جميع أبصار الإنس والجن والدواب والطير في عيني عبد، ثم كشف حِجابًا واحدًا من سبعين حجابًا دونَ الشمس، لما استطاع أن ينظر إليها. و [نور] [٢] الشمس جزء من سبعين جزءًا من نور الكرسي، ونور الكرسي جزء من سبعين جزءًا من نور العرش، ونور العرش جزء من سبعين جزءًا من نور الستر. فانظر ماذا أعطى الله عبده من النور في عينيه [وقت] [٣] النظر إلى وجه ربه الكريم عيانًا. رواه ابن أبي حاتم.

وقوله: ﴿وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ﴾. قال ابن جرير: اختلف المفسرون في معنى قوله: ﴿وَالنَّجْمُ﴾ بعد إجماعهم على أن الشجر ما قام على ساق، فروى علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس؛ قال: النجم ما انبسط على وجه الأرض -يعني من النبات. وكذا قال سعيد بن جبير والسدي، وسفيان الثوري، وقد اختاره ابن جرير .

وقال مجاهد: النجم الذي في السماء. وكذا قال الحسن، وقتادة. وهذا القول هو الأظهر، والله أعلم، لقوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ. .﴾ الآية.

وقوله: ﴿وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ﴾، يعني العدل، كما قال: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾. وهكذا قال هاهنا: ﴿أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ﴾ أي: خلق السماوات والأرض بالحق والعدل، لتكون الأشياء كلها بالحق والعدل.

ولهذا قال: ﴿وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ﴾، أي: لا تبخسوا الوزن، بل زنوا بالحق والقسط، كما قال: ﴿وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ﴾.


[١]- في ت: "وجاعل".
[٢]- سقط من ز، خ.
[٣]- سقط من ز، خ.