للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رحمة بكم، ولو نشاء لجعلناه حطامًا، أي: لأيبسناه قبل استوائه واستحصاده، ﴿فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ﴾. ثم فسر ذلك بقوله: ﴿إِنَّا لَمُغْرَمُونَ (٦٦) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ﴾، أي: لو جعلناه حطامًا لظَلْتم تفكهون في المقالة، تنوعون كلامكم، فتقولون تارة: ﴿إِنَّا لَمُغْرَمُونَ﴾ أي: لَمُلقَوْن [١]، وقال مجاهد، وعكرمة: إنا لمُولَع بنا. وقال قتادة: معذبون. وتارة تقولون: بل نحن محرمون.

وقال مجاهد أيضًا: ﴿إِنَّا لَمُغْرَمُونَ﴾: ملقون للشر، أي: بل نحن مُحَارَفون. قاله قتادة، أي: لا يثبت لنا مال، ولا ينتج لنا ربح.

وقال مجاهد: ﴿بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ﴾ [أي]: [٢] محدودون، يعني: لا حظ لنا.

قال ابن عباس، ومجاهد: ﴿فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ﴾ تعجبون. وقال مجاهد أيضًا: ﴿فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ﴾: تفجعون وتحزنون على ما فاتكم من زرعكم. وهذا يرجع إلى الأول، وهو التعجب من السبب الذي من أجله أصيبوا في مالهم. وهذا اختيار ابن جرير.

وقال عكرمة: ﴿فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ﴾: تلاومون. وقال الحسن، وقتادة، والسدي: ﴿فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ﴾، تندمون. ومعناه إما على ما أنفقتم أو على ما أسلفتم من الذنوب. قال [الكسائي] [٣]: تفكَّه من الأضداد، تقول العرب: تفكهت [٤] بمعنى تنعمت، وتفكهت بمعنى حزنت.

ثم قال تعالى: ﴿أَفَرَأَيتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (٦٨) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ﴾، يعني: السحاب. قاله ابن عباس، ومجاهد، وغير واحد. ﴿أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ﴾، يقول: بل نحن المنزلون. ﴿لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا﴾، أي: زُعاقًا [٥]، مرًّا لا يصلح لشرب [٦] ولا زرع، ﴿فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ﴾، أي: فهلا تشكرون نعمة الله عليكم في إنزاله المطر عليكم عذبًا زلالًا؟! ﴿لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (١٠) يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا عثمان بن سعيد بن مرة، حدثنا فُضَيل [٧] بن مرزوق، عن جابر، عن أبي جعفر، عن النبي : أنه كان [٨] إذا


[١]- في ز: لمعلون.
[٢]- سقط من ز.
[٣]- بياض في ز.
[٤]- سقط من ز.
[٥]- الزعاق من الماء: المرُّ الغليظ لا يطاق شربه. الوسيط [١/ ٤٠٨].
[٦]- في ز: لشراب.
[٧]- في ز: فضل.
[٨]- سقط من ت.