للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شرب الماء قال: "الحمد لله الذي سقاناه عذبًا فراتًا برحمته، ولم يجعله ملحًا أجاجًا بذنوبنا" (٨٥).

ثم قال: ﴿أَفَرَأَيتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ﴾، أي: تقدحون من الزناد، وتستخرجونها من أصلها، ﴿أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ﴾. أي: بل نحن الذين جعلناها مودعة في موضعها، وللعرب شجرتان، إحداهما: المرخ [١]، والأخرى: العَفار [٢]، إذا أخِذَ منهما غصنان أخضران، فحُكّ أحدهما بالآخر، تناثر من بينهما شرر النار.

وقوله: ﴿نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً﴾ قال مجاهد وقتادة: أي تذكر النار الكبرى.

قال قتادة: ذكر لنا أن رسول الله ؛ قال: "يا قوم؛ ناركم [٣] هذه التي توقدون جزء من سبعين جزءًا من نار جهنم". قالوا: يا رسول الله؛ إن كانت لكافية! قال: "قد ضُربت بالماء ضربتين -أو: مرتين- حتى يستنفع بها بنو آدم ويدنوا منها" (٨٦).

وهذا الذي أرسله قتادة قد رواه الإمام أحمد في مسنده، فقال:

حدثنا سفيان، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي قال: "إن ناركم هذه جزء من سبعين جزءًا من نار جهنم، وضربت بالبحر مرتين، ولولا ذلك ما جعل الله فيها منفعة لأحد" (٨٧).

وقال الإِمام مالك عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، أن رسول الله قال: "نار بني آدم التي يوقدون جزءٌ من سبعين جزءًا من نار جهنم". فقالوا: يا رسول الله؛ إن كانت لكافية. فقال: "إنها فُضلت عليها بتسعة وستين جزءًا" (٨٨).


(٨٥) - في إسناده عثمان بن سعيد بن مرة، قال الحافظ: مقبول. وفضيل بن مرزوق وثقه الثوري وابن معين، وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن فضيل بن مرزوق؟ فقال: هو صدوق، صالح الحديث يهم كثيرًا يكتب حديثه. قلت: يحتج به؟ قال: لا. الجرح والتعديل (٧/ ٧٥). وجابر هو ابن يزيد بن رفاعة العجلي ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (٢/ ٤٩٨) ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا.
(٨٦) - أخرجه الطبري (٢٧/ ٢٠١).
(٨٧) - أخرجه أحمد (٢/ ٢٤٤) وإسناده صحيح.
(٨٨) - وأخرجه مالك في كتاب: جهنم، باب: ما جاء في صفة جهنم، حديث (١) (٢/ ٧٥٩).