للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رواه البخاري من حديث مالك (٨٩)، ومسلم من حديث أبي الزناد (٩٠). ورواه مسلم، من حديث عبد الرزاق، عن معمر عن همام، عن أبي هريرة به (٩١). وفي لفظ "والذي نفسي بيده، لقد فضّلت [عليها] [١] بتسعة وستين جزءًا كلهن مثل حرّها".

وقال أبو القاسم الطبراني: حدثنا أحمد بن عمرو الخلال، حدثنا إبراهيم بن المنذر الحرامي، حدثنا معن بن عيسى القزاز، عن مالك، عن عمه أبي السهيل [٢]، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله : "أتدرون ما مثل ناركم هذه من نار جهنم؟ لهي أشد سوادًا من ناركم هذه بسبعين [٣] ضعفًا" (٩٢).

قال الضياء المقدسي: وقد رواه ابن مصعب عن مالك ولم يرفعه، وهو عندي على شرط الصحيح.

وقوله: ﴿وَمَتَاعًا لِلْمُقْوينَ﴾. قال ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والضحاك، والنضر بن عربي [٤]: معنى ﴿لِلْمُقْوينَ﴾: المسافر. واختاره ابن جرير، وقال: ومنه قولهم: أقوت الدار إذا رحل أهلها. وقال غيره: القي والقَوَاء: القفر الخالي البعيد من العمران.

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: المقوي ها هنا: الجائع.

وقال ليث بن أبي سليم: عن مجاهد: ﴿وَمَتَاعًا لِلْمُقْوينَ﴾: للحاضر والمسافر، لكل طعام لا يصلحه إلا النار. وكذا روى سفيان، عن جابر الجعفي، عن مجاهد.

وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد قوله: ﴿لِلْمُقْوينَ﴾ المستمتعين، الناس أجمعين. وكذا ذكر عن عكرمة.

وهذا التفسير أعم من غيره، فإن الحاضر والبادي من غني وفقير، الكل محتاجون للطبخ والاصطلاء والإِضاءة وغير ذلك من المنافع. ثم من لطف الله تعالى أن أودعها في الأحجار وخالص الحديد، بحيث يتمكن المسافر من حمل ذلك في متاعه وبين ثيابه، فإذا


(٨٩) - ومن طريقه البخاري في كتاب: بدء الخلق، باب: صفة النار وأنها مخلوقة، حديث (٣٢٦٥) (٦/ ٣٣٠).
(٩٠) - مسلم في كتاب: الجنة وصفة نعيمها، باب: في شدة حر نار جهنم، وبعد قعرها وما تأخذ من المعذبين، حديث (٣٠/ ٢٨٤٣) (١٧/ ٢٦١).
(٩١) - أخرجه في الموضع السابق برقم (٣٠/ ٢٨٤٣ م) (١٧/ ٢٦٢).
(٩٢) - أخرجه الطبراني في الأوسط (١/ ١٥٥) (٤٨٥).