للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

احتاج إلى ذلك في منزله أخرج زنده وأورى، وأوقد ناره فاطبخ بها واصطلى، واشتوى واستأنس بها، وانتفع بها سائر الانتفاعات.

فلهذا أفردَ المسافرون وإن كان [١] ذلك عامًّا في حق الناس كلهم. وقد يستدل له بما رواه الإِمام أحمد وأبو داود من حديث أبي خدَاش حبَّانَ بن زَيد الشَّرعبي الشَّامي، عن رجل من المهاجرين من قرن [٢]، أن رسول الله ؛ قال: "المسلمون شركاء في ثلاثة: النار، والكلإ، والماء" (٩٣).

وروى ابن ماجة بإسناد جيد عن أبي هريرة؛ قال: قال: رسول الله، : "ثلاث لا يُمنعن: الماء، والكلأ، والنار" (٩٤). وله من حديث ابن عباس مرفوعًا مثل هذا وزيادة: "وثمنه حرام" (٩٥). ولكن في إسناده عبد الله بن خِرَاش بن حَوْشب، وهو ضعيف، والله أعلم.

وقوله: ﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ﴾، أي: الذي بقدرته خلق هذه الأشياء المختلفة المتضادة: الماء العذب الزلال البارد، ولو شاء لجعله ملحًا أجاجًا كالبحار المغرقة. وخَلَق النار المحرقة، وجعل ذلك مصلحة للعباد، وجعل هذه منفعة لهم في معاش دنياهم، وزاجرًا لهم في المعاد.

﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (٧٥) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (٧٦)


(٩٣) - أخرجه أحمد (٥/ ٣٦٤) (٢٣١٨٨).
وأبو داود في كتاب: البيوع، باب: في منع الماء، حديث (٣٤٧٧) (٣/ ٢٧٨).
قال الزيلعي في "نصب الراية" (٤/ ٢٩٤): وأسند ابن عدي في الكامل عن أحمد وابن معين أنهما قالا في حريز: ثقة. وذكره عبد الحق في أحكامه -يعني الحديث- من جهة أبي داود، قال: لا أعلم روى عن أبي خداش إلا حريز بن عثمان، وقد قيل فيه: مجهول. ا هـ.
قال البيهقي في المعرفة: وأصحاب النبي كلهم ثقات، وترك ذكر أسمائهم في الإسناد لا يضر إن لم يعارضه ما هو أصح منه. انتهى. من النصب. والحديث صححه الشيخ الألباني في الإرواء (٦/ ٧ - ٨).
(٩٤) - أخرجه ابن ماجة في كتاب: الرهون، باب: المسلمون شركاء في ثلاث، حديث (٢٤٧٣) (٢/ ٨٢٦). قال في الزوائد: هذا إسناد صحيح رجاله موثقون، لأن محمد بن عبد الله بن يزيد أبا يحيى المكي وثقه النسائي وابن أبي حاتم وغيرهما، وباقي رجال الإسناد على شرط الشيخين.
(٩٥) - أخرجه ابن ماجة في الموضع السابق برقم (٢٤٧٢) (٢/ ٨٢٦). وفي الزوائد: عبد الله بن خراش قد ضعفه أبو زرعة والبخاري وغيرهما، وقال محمد بن عمار الموصلي: كذاب. ا هـ. =