للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الضحاك: ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ﴾. يعني بذلك الأنواء التي كان أهل الجاهلية إذا مُطِروا قالوا: مطرنا بنَوء كذا وكذا.

وقوله: ﴿وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ﴾. أي: وإن هذا القسم الذي أقسمت به لقسم عظيم، لو تعلمون عظمته لعظمتم المقسم به عليه، ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيم﴾. أي: إن هذا القرآن الذي نَزَل على محمد لكتاب عظيم. ﴿فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ﴾ أي: معظم في كتاب معظم محفوظ موقر.

قال ابن جرير: حدثني إسماعيل بن موسى [] [١]، أخبرنا شريك، عن حكيم -هو ابن جبير- عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس، ﴿لَا يَمَسُّهُ إلا الْمُطَهَّرُونَ﴾ قال: الكتاب الذي في السماء.

وقال العَوفي: عن ابن عباس: ﴿إلا الْمُطَهَّرُونَ﴾، يعني الملائكة. وكذا قال أنس، ومجاهد، وعكرمة، وسعيد بن جُبَير، والضحاك، وأبو الشعثاء جابر بن زيد، وأبو نَهِيك، والسدي، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وغيرهم.

وقال ابن جرير: حدثنا ابن عبد الأعلى، حدثنا ابن ثور، حدثنا معمر، عن قتادة: ﴿لَا يَمَسُّهُ إلا الْمُطَهَّرُونَ﴾، قال: لا يمسه عند الله إلا المطهرون، فأما في الدنيا فإنه يمسه المجوسي النجس، والمنافق الرجس. و [٢] قال: وهي في قراءة ابن مسعود: (ما يمسه إلا المطهرون). وقال أبو العالية: ﴿لَا يَمَسُّهُ إلا الْمُطَهَّرُونَ﴾ ليس أنتم، [أنتم] [٣] أصحاب الذنوب.

وقال ابن زيد: زعمت كفار قريش أن هذا القرآن تنزلت به الشياطين، فأخبر الله تعالى أنه لا يمسه إلا المطهرون، كما قال: ﴿وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (٢١٠) وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ (٢١١) إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ﴾.

وهذا القول قولٌ جيد، وهو لا يخرج عن الأقوال التي قبله. وقال الفراء: لا يجد طعمه ونفعه إلا من آمن به.

وقال آخرون: ﴿لَا يَمَسُّهُ إلا الْمُطَهَّرُونَ﴾، أي: من الجنابة والحدث. قالوا: ولفظ الآية خبر ومعناها الطلب. قالوا: والمراد بالقرآن هاهنا المصحف، كما روى مسلم، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسأنهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو، مخافة


[١]- ما بين المعكوفين في ز: "بن إسماعيل".
[٢]- سقط من ز.
[٣]- سقط من ت.