للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: ﴿أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ﴾، قال العَوفي: عن ابن عباس: أي: مكذبون غير مصدقين. وكذا قال الضحاك، وأبو حَزْرَة، والسُّدّي. وقال مجاهد: ﴿مُدْهِنُونَ﴾ أي: تريدون أن تمالئوهم فيه، وتركنوا إليهم.

﴿وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ﴾، قال بعضهم: يعني وتجعلون رزقكم بمعنى شكركم ﴿أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ﴾ أي: تكذبون [بدل الشكر. وقد روي عن علي وابن عباس أنهما قرآها: (وتجعلون شكركم أنكم تكذبون) [١] كما سيأتي.

وقال ابن جرير: وقد ذكر عن الهيثم [٢] بن عدي؛ أن من لغة أزد شَنُوءةَ: ما رزق فلان، بمعنى: ما شكر فلان.

وقال الإِمام أحمد: حدثنا حسين بن محمد، حدثنا إسرائيل، عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الرحمن، عن عليّ قال: قال رسول الله : ﴿وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ﴾، يقول: شكركم، ﴿أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ﴾، تقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا، بنجم كذا وكذا" (١٠٣).

وهكذا رواه ابن أبي حاتم عن أبيه، عن مُخَوّل بن إبراهيم النهدي، وابن جرير، عن محمد بن المثنى، عن عبيد الله بن موسى، وعن يعقوب بن إبراهيم، عن يحيى بن أبي بكير، ثلاثتهم عن إسرائيل، به مرفوعًا (١٠٤).

وكذا رواه الترمذي عن أحمد بن مَنيع، عن حسين بن محمد -وهو المروزي- به (١٠٥). وقال: حسن غريب. وقد رواه سفيان [الثوري] [٣]، عن عبد الأعلى، ولم يرفعه. وقال ابن جرير: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة،


= قال الألباني في الإرواء (١/ ١٦٠ - ١٦١): وجملة القول: أن الحديث طرقه كلها لا تخلو من ضعف، ولكنه ضعف يسير؛ إذ ليس في شيء منها من اتهم بكذب، وإنما العلة الإرسال أو سوء الحفظ، ومن المقرر في علم المصطح أن الطرق يقوى بعضها بعضًا إذ لم يكن فيها متهم كما قرره النووي في تقريبه ثم السيوطي في شرحه، وعليه فالنفس تطمئن لصحة هذا الحديث، لا سيما وقد احتج به إمام السنة أحمد بن حنبل كما سبق، وصححه أيضًا صاحبه الإمام إسحاق بن راهويه. ا هـ.
(١٠٣) - أخرجه أحمد (١/ ١٠٨) (٨٤٩). وفي إسناده عبد الأعلى وهو ابن عامر الثعلبي: ضعيف.
(١٠٤) - أخرجه الطبري (٢٧/ ٢٠٧ - ٢٠٨).
(١٠٥) - الترمذي في كتاب: تفسير القرآن، باب: ومن سورة الواقعة، حديث (٣٢٩١) (٩/ ٨ - ٩).