للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي حديث عن أبي سعيد مرفوعًا: "لو قُحِط الناس سبع سنين ثم مطروا لقالوا: مطرنا بنوء المِجْدَح" (١١٤).

وقال مجاهد: ﴿وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ﴾ قال: قولهم في الأنواء: مطرنا بنوء كذا، وبنوء كذا، يقول: قولوا: هو من عند الله، هو رزقه. وهكذا قال الضحاك وغير واحد.

وقال قتادة: أما الحسن فكان يقول: بئس ما أخذ قوم لأنفسهم! لم يرزقوا من كتاب الله إلا التكذيب. فمعنى [١] قول الحسن هذا: وتجعلون حظكم من كتاب الله أنكم تكذبون به؛ ولهذا قال قبله: ﴿أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (٨١) وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ﴾.

﴿فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (٨٣) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (٨٤) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ (٨٥) فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيرَ مَدِينِينَ (٨٦) تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٨٧)

بقول تعالى: ﴿فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ﴾ أي الروح ﴿الْحُلْقُومَ﴾ [أي: الحلق] [٢] وذلك حين الاحتضار. كما قال تعالى: ﴿كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ (٢٦) وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ (٢٧) وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ (٢٨) وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (٢٩) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ﴾، ولهذا. قال هاهنا ﴿وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ﴾ أي: إلى المحتضر [٣] وما يكابده من سكرات الموت، ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيهِ مِنْكُمْ﴾ أي: بملائكتنا ﴿وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ﴾ أي: ولكن لا ترونهم كما قال تعالى في الآية الأخرى: ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ (٦١) ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ﴾.

وقوله تعالى: ﴿فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيرَ مَدِينِينَ (٨٦) تَرْجِعُونَهَا﴾ معناه فهلا ترجعون هذه النفس التي قد بلغت الحلقوم إلى مكانها الأول ومقرها من [٤] الجسد إن كنتم ﴿غَيرَ


(١١٤) - أخرجه أحمد (٣/ ٧) (١١٠٥٦). والنسائي في الكبرى في كتاب: عمل اليوم والليلة، باب: ما يقول إذا رأى المطر، حديث (١٠٧٦٢) (٦/ ٢٣٠) وغيرهما من طريق عتاب بن حنين عن أبي سعيد بنحو هذا اللفظ. وعتاب بن حنين، قال الحافظ: مقبول.