للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما قال في الآية الأخرى: ﴿تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيءٍ إلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا﴾.

وقوله: ﴿وَهُوَ الْعَزِيز﴾، أي: الذي قد خضع له كل شيء ﴿الْحَكِيمُ﴾، في خلقه وأمره وشرعه. ﴿لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ﴾. أي: هو المالك المتصرف في خلقه، فيحيي ويميت، ويعطي من يشاء ما يشاء، ﴿وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ﴾. أي: ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن.

وقوله: ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِن﴾، وهذه الآية هي المشار إليها في حديث عرباض بن سارية، أنها أفضل من ألف آية.

وقال أبو داود: حدثنا عباس بن عبد العظيم، حدثنا النضر بن محمد، حدثنا عكرمة -يعني ابن عمار- حدثنا أبو زُمَيل؛ قال: سألت ابن عباس فقلت: ما شيء أجده في صدري؟ قال: ما هو؟ قلت: والله لا أتكلم به. قال: فقال لي: أشيء من شك؟ قال: وضحك، قال: ما نجا من ذلك أحد، قال: حتى أنزل الله ﴿فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ … ﴾. الآية. قال: وقال لي: إذا وجدت في نفسك شيئًا فقل: ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمٌ﴾ (٣).

وقد اختلفت عبارات المفسرين في هذه الآية، وأقوالهم على نحو من بضعة عشر قولًا.

وقال البخاري: قال يحيى: الظاهر على كل شيء علمًا، والباطن على كل شيء علمًا.

قال شيخنا الحافظ المزّي [١]: يحيى هذا هو ابن زياد الفراء، له كتاب سماه "معاني القرآن".

وقد ورد في ذلك أحاديث، فمن ذلك ما قال الإمام أحمد: حدثنا خلف بن الوليد، حدثنا ابن عياش [٢]، عن سُهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن رسول الله كان يدعو عند النوم: "اللهم، رب السماوات السبع ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، منزل التوراة والإنجيل والفرقان، فالق الحب والنوى، لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر كل شيء أنت أخذ بناصيته، أنت الأول ليس [٣] قبللت


(٣) - أخرجه أبو داود في كتاب: الأدب، باب: في رد الوسوسة، حديث (٥١١٠) (٤/ ٣٢٩).
وحسن إسناده الشيخ الألباني في صحيح سنن أبي داود (٤٢٦٢).