للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

استعمال ما [استخلفهم] [١] فيه من المال في طاعته، [فإن] [٢] يفعلوا وإلا حاسبهم عليه وعاقبهم لتركهم الواجبات فيه.

وقوله: ﴿مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ﴾: إشارة إلي أنه سيكون مخلفًا عنك، فلعل وارثك أن يطيع الله فيه، فيكون أسعد بما أنعم الله به عليك منك، أو يعصي الله [به] [٣] فتكون قد سعيت في معاونته علي الإِثم والعدوان.

قال الإِمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، سمعت قتادة يحدث، عن مطرف -يعني ابن عبد الله بن الشخير- عن أبيه؛ قال: انتهيت إلي رسول الله وهو يقول: ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ﴾. يقول ابن آدم: مالي مالي! وهل لك من [مالك] [٤] إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت؟! " (١٨).

ورواه مسلم من حديث شعبة به (١٩)، وزاد: "ومما سوى ذلك فذاهب وتاركه للناس" (٢٠).

وقوله: ﴿فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِير﴾. ترغيب في الإيمان والإنفاق في الطاعة. ثم قال: ﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ﴾. أي: وأي شيء يمنعكم من الإيمان، والرسول بين أظهركم، يدعوكم إلي ذلك، ويبين لكم الحجج والبراهين علي صحة ما جاءكم به؟

وقد روينا في الحديث من طرق في أوائل شرح "كتاب الإيمان" من صحيح البخاري:

أن رسول الله قال يومًا لأصحابه: "أي المؤمنين أعجب إليكم إيمانًا؟! قالوا: الملائكة. قال: "وما لهم لا يؤمنون وهم عند ربهم؟ ". قالوا: فالأنبياء. قال: "وما لهم لا يؤمنون والوحي ينزل عليهم". قالوا: فنحن؟ قال: "وما لكم لا تؤمنون وأنا بين أظهركم؟ ولكن أعجب المؤمنين إيمانًا قوم يجيئون بعدكم يجدون صحفًا يؤمنون بما فيها" (٢١).


(١٨) - المسند أحمد (٤/ ٢٤).
(١٩) - صحيح مسلم، كتاب: الزهد والرقائق، حديث (٣/ ٢٩٥٨ م) (١٨/ ١٢٦).
(٢٠) - صحيح مسلم في الموضع السابق برقم (٤/ ٢٩٥٩) من حديث أبي هريرة.
(٢١) - تقدم تخريجه في سورة البقرة آية (٣).