للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منافق نورًا، فإذا استووا على الصراط سلب اللَّه نور المنافقين [١] والمنافقات، فقال المنافقون: ﴿انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ﴾. وقال المؤمنون: ﴿رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا﴾. فلا يذكر عند ذلك أحد أحدًا (٣٧).

وقوله: ﴿فَضُرِبَ بَينَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ﴾، قال الحسن، وقتادة: هو حائط بين الجنة والنار.

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: هو الذي قال اللَّه تعالى: ﴿وَبَينَهُمَا حِجَابٌ﴾.

وهكذا روي عن مجاهد وغير واحد، وهو الصحيح.

﴿بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ﴾، أي: ابنة ومافيها، ﴿وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ﴾، أي النار. قاله قتادة وابن زيد، وغيرهما.

قال ابن جرير: وقد قيل: إن ذلك السور سور بيت المقدس عند وادي جهنم، ثم قال: حدثنا ابن [] [٢] البرقي، حدثنا عصو بن أبي سلمة، عن سعيد بن عطية بن قيس، عن أبي العوام -مؤذن بيت المقدس- قال: سمعت عبد اللَّه بن عمرو [٣]؛ يقول: إن السور الذي ذَكَر اللَّه في القرآن: ﴿فَضُرِبَ بَينَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ﴾، هو السور الشرقي [باطنه] [٤] المسجد وما يليه، وظاهره وادي جهنم (٣٨).

ثم روي عن عبادة بن الصامت وكعب الأحبار، وعلي بن الحسين زين العابدين نحو ذلك، وهذا محمول منهم على أنهم أرادوا بهذا تقريب المعنى [] [٥] مثالًا لذلك، لا أن هذا هو الذي أريد من القرآن هذا الجدار المعين ونفس المسجد وما وراء من الوادي المعروف بوادي جهنم، فإن الجنة في السماوات في أعلى عليين، والنار في الدركات أسفل سافلين،


(٣٧) - أخرجه الطبراني في الكبير (١١/ ١٢٢) (١١٢٤٢).
قال الهيثمي في "المجمع" (١٠/ ٣٦٢): رواه الطبراني وفيه إسحاق بن بشر أبو حذيفة وهو متروك.
(٣٨) - تفسير الطبري (٢٧/ ٢٢٥). والحديث أخرجه الحاكم (٢/ ٤٧٨) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. قال الذهبي: بل منكر وآخره باطل، لأنه ما اجتمع عبادة برسول اللَّه هناك.