للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عهد من رسول الله ، وأمان لم يعلم به عمرو، فلما رجع أخبر رسول الله فقال له رسول الله : "لقد قتلت رجلين لأدينَّهما" (٤)، وكان بين بني النضير وبني عامر حلف وعهد، فخرج رسول الله إلى بني النضير يستعينهم في دية ذينك الرجلين، وكانت منازل بني النضير ظاهر المدينة على أميال منها شرقيها.

قال محمد بن إسحاق بن يسار في كتابه السيرة (٥): ثم خرج رسول الله إلى بني النضير يستعينهم في دية ذينك القتيلين من بني عامر، اللذين قتل عمرو بن أمية الضمري، للجوار الذي كان رسول الله عقد لهما، فيما حدثني يزيد بن رومان، وكان بين بني النضير وبني عامر عَقد وحلف؛ فلما أتاهم رسول الله يستعينهم في دية ذينك القتيلين؛ قالوا: نعم، يا أبا القاسم، نعينك على ما أحببت، مما استعنت بنا عليه، ثم خلا بعضهم ببعض فقالوا: إنكم لن تجدوا الرجل على مثل حاله هذه - ورسول الله إلى جنب جدار من بيوتهم - فمَن رجل يعلو على هذا البيت، فيلقي عليه صخرة، فيريحنا منه؟ فانتدب لذلك عمرو بن جحاش بن كعب - أحدهم - فقال: أنا لذلك، فصعد ليلقي عليه صخرة كما قال، ورسول الله في نفر من أصحابه، فيهم أبو بكر وعمر وعليّ ، فأتى رسول الله الخبر من السماء بما أراد القوم، فقام وخرج راجعًا إلى المدينة، فلما استلبثَ النبي أصحابه قاموا في طلبه، فلقوا رجلًا مقبلًا من المدينة فسألوه عنه فقال: رأيته داخلًا المدينة، فأقبل أصحاب رسول الله حتى انتهوا إليه، فأخبرهم الخبر بما كانت يهود أرادت من الغدر به، وأمر رسول الله بالتهيؤ لحربهم والمسير إليهم، ثم سار حتى نزل بهم فتحصنوا منه في الحصون، فأمر رسول الله بقطع النخل والتَّحريق فيها، فنادوه: أن [١] يا محمد؛ قد كنت تنهى عن الفساد وتعيبه على من صنعه، فما بال قطع النخل وتحريقها؟

وقد كان رهط من بني عوف بن الخزرج منهم عبد الله بن أبيّ ابن سلول، ووديعة، ومالك بن أبي قوقل [٢]، وسُوَيد، وداعس، قد بعثوا إلى بني النضير: أن اثبتوا وَتمنَّعوا فإنا لن نسلمكم، إن قوتلتم قاتلنا معكم، وإن أخرجتُم خرجنَا [٣] معكم فتربصوا ذلك من


(٤) - السيرة النبوية لابن هشام (٣/ ٦٨٠).
(٥) - سيرة ابن هشام (٣/ ٦٨٢ - ٦٨٤) بأتم من ذلك.