للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نصرهم، فلم يفعلوا، وقذف الله في قلوبهم الرعب، فسألوا رسول الله أن يجليهم ويكف عن دمائهم، على أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم إلا الحلقة، ففعل، فاحتملوا من أموالهم ما استقلت به الإبل، فكان الرجل منهم يهدم بيته عن نِجاف [١] بابه، فيضعه على ظهر بعيره فينطلق به، فخرجوا إلى خيبر، ومنهم من سار إلى الشام، وخَلّوا الأموال لرسول الله فكانت لرسول الله خاصة يضعها حيث يشاء، فقسمها على المهاجرين الأولين دون الأنصار، إلا أن سهل بن حُنَيف وأبا دُجانة سماك بن خَرشَة ذكرا فقرًا، فأعطاهما رسول الله .

قال: ولم يسلم من بني النضير إلا رجلان: يامين بن عمير [٢] بن كعب ابن [عم] [٣] عمرو بن جحاش، وأبو سعد بن وهب، أسلما على أموالهما فأحرزاها.

قال ابن إسحاق: وقد حدثني بعض آل يامين؛ أن رسول الله ، قال ليامين: "ألم تر ما لقيتُ من ابن عمك، وما هَم به من شأني". فجعل يامين بن عمَير لرجل جعلًا على أن يقتل عمرو بن جحاش، فقتله فيما يزعمون.

قال ابن إسحاق: ونزل في بني النضير سورة الحشر بأسرها.

وهكذا روى يونس بن بُكَير [٤] عن ابن إسحاق، بنحو ما تقدم.

فقوله: ﴿هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ﴾ يعني: بني النضير ﴿مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ﴾.

قال ابن أبي حاتم (٦): حدثنا أبي، حدثنا ابن أبي عمر، حدثنا سفيان، عن أبي سعد، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: من شك في أن أرض المحشر هاهنا -يعني الشام- فَلْيَتْل هذه الآية: ﴿هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ﴾، قال لهم رسول الله : "اخرجوا". قالوا: إلى أين؟ قال: "إلى أرض المحشر".

وحدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا أبو أسامة، عن عوف، عن الحسن؛ قال: لما أجلى رسول الله بني النضير، قال: "هذا أول الحشر، وأنا على الأثر".


(٦) - أخرجه ابن أبي حاتم والبزار (٢/ ٤٧٢ - مختصر) (٢٢٣٧) من طريق سفيان. قال الهيثمي في "المجمع" (١٠/ ٣٤٦): رواه البزار وفيه أبو سعد البقال، والغالب فيه الضعف. وزاد السيوطي نسبته إلى ابن المنذر، وابن مردويه، والبيهقي في البعث.