للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورواه ابن جرير (٧) عن بندار عن ابن أبي عدي عن عوف عن الحسن به.

وقوله: ﴿مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا﴾ أي: في مدة حصاركم لهم وقصَرها، وكانت ستة أيام، مع شدة حصونهم ومنعتها، ولهذا قال: ﴿وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ [١] اللَّهُ مِنْ حَيثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا﴾، أي: جاءهم من أمر الله ما لم يكن لهم في بال، كما قال في الآية الأخرى: ﴿قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيثُ لَا يَشْعُرُونَ﴾ وقوله: ﴿وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ﴾، أي: الخوف والهلع والجزع، وكيف لا يحصل لهم ذلك وقد حاصرهم الذي نُصر بالرعب مسيرةَ شهر، صلوات الله وسلامه عليه.

وقوله: ﴿يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيدِيهِمْ وَأَيدِي الْمُؤْمِنِينَ﴾، قد تقدم تفسير ابن إسحاق لذلك، وهو نقض ما استحسنوه من سقوفهم وأبوابهم، وتَحَمُّلها على الإبل. وكذا قال عروة بن الزبير، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وغير واحد.

وقال مقاتل بن حيان (٨): كان رسول الله يقاتلهم، فإذا ظهر على دَرب أو دار، هدم حيطانها ليتسع المكان للقتال، وكان اليهود إذا عَلَوا مكانًا أو غلبوا على دَرب أو دار نقبوا من أدبارها [٢] ثم حصنوها ودَرّبوها [٣]، يقول الله تعالى: ﴿فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ﴾.

وقوله: ﴿وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيهِمُ الْجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا﴾، أي: لولا أن كتب الله عليهم هذا الجلاء، وهو النفي من ديارهم وأموالهم، لكان [٤] لهم عند الله عذاب آخر من القتل والسبي، ونحو ذلك، قاله الزهري عن عروة، والسديُّ وابن [٥] زيد، لأن الله قد كتب عليهم أنه سيعذبهم في الدار الدنيا مع ما أعد لهم في الآخرة من العذاب في نار جهنم.

قال ابن أبي حاتم (٩): حدثنا أبي، حدثنا عبد الله بن صالح - كاتب الليث - حدثني الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب؛ قال: أخبرني عروة بن الزبير؛ قال: ثم كانت وقعة


(٧) - أخرجه الطبري (٢٨/ ٢٩) وإسناده مرسل.
(٨) - صدوق من السادسة فحديثه عن النبي منقطع.
(٩) - في إسناده عبد الله بن صالح كاتب الليث، وهو ضعيف من قبل حفظه.