للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بني النضير، وهم طائفة من اليهود، على رأس ستة أشهر من وقعة بدر، وكان منزلهم بناحية من المدينة، فحاصرهم رسول الله حتى نزلوا على الجلاء، وأن لهم ما أقَلَّت الإبل من الأموال والأمتعة إلا الحلقة، وهي السلاح، فأجلاهم رسول الله قِبَل الشام. قال: والجلاء أنه كُتب عليهم في آي من التوراة، وكانوا من سبط لم يصبهم الجلاء قبلما سلط عليهم رسول الله ، وأنزل الله فيهم: ﴿سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾، إلى قوله: ﴿وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ﴾.

وقال عكرمة: الجلاء: القتل، وفي رواية عنه الفناء.

وقال قتادة: الجلاء: خروج الناس من البلد إلى البلد.

وقال الضحاك: أجلاهم إلى الشام وأعطى كل ثلاثة بعيرًا وسقاء، فهذا الجلاء.

وقد قال الحافظ أبو بكر البيهقي (١٠): أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا أحمد بن كامل القاضي، حدثنا محمد بن سعد [١] العوفي، حدثني أبي، عن عمي، حدثني أبي، عن جدي، عن ابن عباس؛ قال كان النبي قد حاصرهم حتى بلغ منهم كل مبلغ، فأعطوه ما أراد منهم، فصالحهم على أن يحقن لهم دماءهم، وأن يخرجهم من أرضهم ومن ديارهم وأوطانهم، وأن يسيرهم إلى أذرعات الشام، وجعل لكل ثلاثة منهم بعيرًا وسقاء، والجلاء: إخراجهم من أرضهم إلى أرض أخرى.

وروى أيضًا (١١) من حديث يعقوب بن محمد الزهري [٢]، عن إبراهيم بن جعفر بن محمود بن محمد بن مسلمة [٣]، عن أبيه، عن جده، عن محمد بن مسلمة [٤]؛ أن رسول الله بعثه إلى بني النضير، وأمره أن يؤجلهم [٥] في الجلاء ثلاث ليال.

وقوله: ﴿وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ﴾ أي: حتم لازم لا بد لهم منه.

وقوله: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾، أي: إنما فَعَل الله بهم ذلك وسَلَّط


(١٠) - أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" (٣/ ٣٥٩)، وإسناده مسلسل بالضعفاء والمجاهيل.
(١١) - أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" (٣/ ٣٦٠)، وفي إسناده محمود بن محمد بن مسلمة ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (٨/ ٢٩٠) ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا. ومحمود بن محمد صدوق كثير الوهم والرواية عن الضعفاء.