للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليهم رسوله وعباده المؤمنين، لأنهم خالفوا الله ورسوله، وكذبوا بما أنزل الله على رسله المتقدمين في البشارة بمحمد ، وهم يعرفون ذلك كما يعرفون أبناءهم. ثم قال: ﴿وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾.

وقوله تعالى: ﴿مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ﴾، اللين: نوع من التمر، وهو جيد.

قال أبو عبيدة: وهو ما خالف العجوة والبَرْنيَّ من التمر.

وقال كثيرون من المفسرين: اللينة: ألوان التمر سوى العجوة.

قال ابن جرير: هو جميع النخل، ونقله عن مجاهد: وهو البويرة. أيضًا، وذلك أن رسول الله لما حاصرهم أمر بقطع نخيلهم إهانة لهم، وإرهابًا وإرعابًا لقلوبهم. فروى محمد بن إسحاق (١٢)، عن يزيد بن رومان، وقتادة، ومقاتل بن حيان أنهم قالوا: [فبعث بنو النضير] [١] يقولون لرسول الله : إنك تنهى عن الفساد، فما بالك تأمر بقطع الأشجار. فأنزل الله هذه الآية الكريمة، أي: ما قطعتم وما تركتم من الأشجار فالجميع بإذن الله ومشيئته وقدرته ورضاه، وفيه نكاية العدو، وخزي لهم، وإرغام لأنوفهم.

[وقال الحافظ أبو يعلى في مسنده (١٣): حدثنا سفيان بن وكيع، حدثنا حفص، عن ابن جريج، عن سليمان بن موسى، عن جابر، وعن أبي الزبير، عن جابر، قال: رخص لهم في قطع النخل، ثم شدد عليهم، [فأتوا النبي] [٢] فقالوا [٣]: يا رسول الله، علينا إثم فيما قطعنا؟ أو علينا وزر فيما تركنا؟ فأنزل الله ﷿: ﴿مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ﴾] [٤].

وقال مجاهد: نهى بعض المهاجرين بعضًا عن قطع النخل، وقالوا: إنما هي مغانم المسلمين. فنزل القرآن بتصديق من نهى عن قطعه، وتحليل من قطعه من الإثم، وإنما قطعه وتركه بإذنه.


(١٢) - أخرجه الطبري (٢٨/ ٣٢) وفيه عنعنة ابن إسحاق.
(١٣) - أخرجه أبو يعلى (٤/ ١٣٥) (٢١٨٩). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٧/ ١٢٥): رواه أبو يعلى عن شيخه سفيان بن وكيع وهو ضعيف. ا هـ. وفي إسناده سليمان بن موسى في حديثه لين. وفيه عنعنة ابن جريج، وأبي الزبير.