للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُعَانّا برُوح القُدْس يَنْكى عدوه … رسولًا من الرحمن حقًّا بَمعْلم

رسولًا من الرحمن يتلو كتابه … فَلَمّا أنارَ الحَقّ لم يَتَلَعْثَم

أرَى أمْرَهُ يَزْدَادُ في كُلّ مَوْطن … عُلُوًّا لأمْر حَمَّه اللهُ محكمَ

وقد أورد ابن إسحاق هَاهنا أشعارًا كثيرة، فيها آداب ومواعظ وحكم، وتفاصيل للقصة، تركنا باقيها اختصارًا واكتفاء بما ذكرناه، ولله الحمد والمنة.

قال ابن إسحاق: كانت وقعة بني النضير بعد [وقعة أحد وبعد بئر معونة. وحكى البخاري (٢٢) عن الزهري، عن عروة؛ أنه قال: كانت وقعة بني النضير بعد] [١] بدر بستة أشهر.

﴿وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيهِ مِنْ خَيلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ (٦) مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَي لَا يَكُونَ دُولَةً بَينَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٧)

يقول تعالى مبينًا لمال الفيء، وما صفته؟ وما حكمه؟ فالفيء: كل مال أخذ من الكفار بغير قتال ولا إيجاف خيل ولا ركاب، كأموال بني النضير هذه، فإنها مما لم يُوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب، أي: لم يقاتلوا الأعداء فيها بالمبارزة والمصاولة، بل نَزَل أولئك من الرعب الذي ألقى الله في قلوبهم من هَيبَة رسول الله فأفاءه الله على رسوله، ولهذا تصرف فيه كما شاء، فردّه على المسلمين في وجوه البر والمصالِح التي ذكرها الله ﷿ في هذه الآيات، فقال: ﴿وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ﴾، أي: من بني النضير، ﴿فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيهِ مِنْ خَيلٍ وَلَا رِكَابٍ﴾، يعني: الإبل، ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ﴾، أي: هو قدير لا يُغالب ولا يُمانع، بل هو القاهر لكل شيء.

ثم قال: ﴿مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى﴾، أي: جميع البلدان التي تُفتَح


(٢٢) - أخرجه البخاري في كتاب: المغازي، باب: حديث في النضير معلقًا.