وقد أورد ابن إسحاق ﵀ هَاهنا أشعارًا كثيرة، فيها آداب ومواعظ وحكم، وتفاصيل للقصة، تركنا باقيها اختصارًا واكتفاء بما ذكرناه، ولله الحمد والمنة.
قال ابن إسحاق: كانت وقعة بني النضير بعد [وقعة أحد وبعد بئر معونة. وحكى البخاري (٢٢) عن الزهري، عن عروة؛ أنه قال: كانت وقعة بني النضير بعد] [١] بدر بستة أشهر.
يقول تعالى مبينًا لمال الفيء، وما صفته؟ وما حكمه؟ فالفيء: كل مال أخذ من الكفار بغير قتال ولا إيجاف خيل ولا ركاب، كأموال بني النضير هذه، فإنها مما لم يُوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب، أي: لم يقاتلوا الأعداء فيها بالمبارزة والمصاولة، بل نَزَل أولئك من الرعب الذي ألقى الله في قلوبهم من هَيبَة رسول الله ﷺ فأفاءه الله على رسوله، ولهذا تصرف فيه كما شاء، فردّه على المسلمين في وجوه البر والمصالِح التي ذكرها الله ﷿ في هذه الآيات، فقال: ﴿وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ﴾، أي: من بني النضير، ﴿فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيهِ مِنْ خَيلٍ وَلَا رِكَابٍ﴾، يعني: الإبل، ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ﴾، أي: هو قدير لا يُغالب ولا يُمانع، بل هو القاهر لكل شيء.
ثم قال: ﴿مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى﴾، أي: جميع البلدان التي تُفتَح
(٢٢) - أخرجه البخاري في كتاب: المغازي، باب: حديث في النضير معلقًا.