لذلك. فقال عمر ﵁: اتئدا [١]، ثم أقبل على أولئك الرهط فقال: أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوُم السماء والأرض، هل تعلمون أن رسول الله ﷺ قال:"لا نُورث، ما تركنا صدقة"؟ قالوا: نعم. ثم أقبل على عليّ والعباس فقال: أنشدُكُما بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض، هل [٢] تعلمان أن رسول الله ﷺ قال: "لا نورث، ما تركنا صدقة"؟ فقالا: نعم. فقال: فإن الله خَصَّ رسوله بخاصة لم يخص بها أحدًا من الناس، فقال: ﴿وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيهِ مِنْ خَيلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ﴾. فكان الله أفاء على رسوله أموال [٣] بني النضير، فوالله ما استأثر بها عليكم ولا أحرزها دونكم، فكان رسول الله ﷺ يأخذ منها نفقة سنة -أو: نفقته ونفقة أهله سنة- ويجعل ما بقي أسوة المال، ثم أقبل عَلَى أولئك الرهط فقال: أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض: هل تعلمون ذلك؟ قالوا: نعم. ثم أقبل على عليّ والعباس فقال: أنشدُكما بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض: هل تعلمان ذلك؟ قالا: نعم. فلما تُوفي رسول الله ﷺ؟ قال أبو بكر: أنا وليّ رسول الله، فجئت أنت وهذا إلى أبي بكر، تطلب أنت ميراثك من ابن أخيك، ويطلب هذا ميراث امرأته من أبيها، فقال أبو بكر ﵁: قال رسول الله ﷺ: "لا نورث، ما تركنا صدقة". والله يعلم إنه لصادق بار راشد متابع [٤] للحق. فوليها أبو بكر، فلما توفي قلتُ: أنا وَليّ رسول الله ﷺ ووليّ أبي بكر، فَوليتها ما شاء الله أن أليها، فجئتَ أنت وهذا، وأنتما جميع وأمركما واحد، فسألتمانيها، فقلت: إن شئتما فأنا أدفعها إليكما على أن عليكما عهد الله أن تلياها بالذي كان رسول الله ﷺ يليها، فأخذتماها مني على ذلك، ثم جئتماني لأقضي بينكما بغير ذلك، والله لا أقضي بينكما بغير ذلك حتى تقوم الساعة، فإن عَجَزتُما عنها فَرُدّاها إليّ.
أخرجوه (٢٦) من حديث الزهري [٥] به.
(٢٦) - أخرجه البخاري في كتاب: فرض الخمس، باب: فرض الخمس، حديث (٣٠٩٤) (٦/ ١٩٧ - ١٩٨). وأطرافه في [٤٠٣٣، ٥٣٥٨، ٦٧٢٨، ٧٣٠٥]. ومسلم في كتاب: الجهاد والسير، باب: حكم الفئ، حديث (٤٩، ٥٠/ ١٧٥٧) (١٢/ ١٠٤ - ١٠٩)، وأبو داود (٢٩٦٣، ٢٩٦٤). والترمذي مختصرًا في كتاب: السير، باب: ما جاء في تركة رسول الله ﷺ حديث (١٦١٠) (٥/ ٣٣٢ - ٣٣٣). وكذا النسائي في كتاب: التفسير، باب: ﴿مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ﴾، حديث (١١٥٧٥) (٦/ ٤٨٣ - ٤٨٤). قال الترمذي: حسن صحيح غريب.