وقوله: ﴿الْمُؤْمِنُ﴾، قال الضحاك، عن ابن عباس: أمن [خلقه مرد] [١] أن يظمهم.
وقال قتادة: أمَّن بقوله إنه حق. وقال ابن زيد: صدَّق عبادَه المؤمنين في إيمانهم له.
وقوله: ﴿الْمُهَيمِنُ﴾، قال ابن عباس وغير واحد: أي: الشاهد على خلقه بأعمالهم، بمعنى هو رقيب عليهم، كقوله: ﴿وَاللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ شَهِيدٌ﴾ وقوله: ﴿ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ [٢]﴾.
وقوله: ﴿أَفَمَنْ [٣] هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ﴾ الآية.
وقوله: ﴿الْعَزِيزُ﴾، أي: الذي قد عَزّ كل شيء فقهره، وغلب الأشياء فلا ينال جنابه، لعزته وعظمته وجبروته وكبريائه، ولهذا قال: ﴿الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ﴾، أي [٤]: الذي لا تليق الجَبْرية إلا له، ولا التكبر إلا لعظمته، كما تقدم في الصحيح (٦٨): " العظمة إزاري، والكبرياء ردائي، فمن نازعني واحدًا منهما عذبته".
وقال قتادة: الجبار: الذي جبر خلقه على ما يشاء:. وقال ابن جرير: الجبار: المصلحُ أمورَ خلقه، المتصرف فيهم بما فيه صلاحهم.
وقال قتادة: المتكبر، يعني: عن كل سوء. ثم قال: ﴿سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾.
وقوله: ﴿هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ﴾ الخلق: التقدير، والبَراء [٥]: هو الفري، وهو: التنفيذ وإبراز ما قدره وقرره إلى الوجود، وليس كل من قدر شيئًا ورتبه يقدر على تنفيذه وإيجاده سوى الله ﷿. قال الشاعر يمدح آخر:
ولأنت تَفري ما خَلَقتَ وبعضُ … القوم يخلق ثم لا يَفْري
أي: أنت تنفذ ما خلقت، أي: قدرت، بخلاف غيرك فإنه لا يستطيع ما يريد. فالخلق: التقدير، والفري: التنفيذ. ومنه يقال: قدر الجلاد ثم فَرَى، أي: قطع على ما قدره بحسب ما يريده.
وقوله تعالى: ﴿الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ﴾، أي: الذي إذا أراد شيئًا قال له: كن،
(٦٨) - قصة حنين الجذع أخرجها البخاري في كتاب المناقب، باب: علامات النبوة، حديث (٣٥٨٣ - ٣٥٨٥) من حديث ابن عمر وجابر بن عبد الله ﵃. وهي قصة مشهورة.