للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مثله. وقد ذكر ذلك أصحاب المغازي والسير، فقال محمد بن إسحاق بن يَسَار في السيرة (١٠): حدثني محمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة بن الزبير وغيره من علمائنا قال: لما أجمع رسول الله المسير [١] إلى مكة، كتب حاطب بن أبي بلتعة كتابًا إلى قريش يخبرهم بالذي أجمع عليه رسول الله من الأمر في السير إليهم، ثم أعطاه إلى امرأة - زعم محمد بن جعفر أنها من مزينة، وزعم غيره أنها. سارة، مولاة لبني عبد المطلب - وجعل لها جُعلًا على أن تبلغة قُريشًا فجعلته في رأسها، ثم فتلت عليه قرونها، ثم خرجت به، وأتى رسول الله الخبر من السماء بما صنع حاطب، فبعث علي بن أبي طالب والزبير بن العوام فقال: "أدركا امرأة قد كتب معها حاطب بكتاب إلى قريش يحذرهم ما قد أجمعنا له من أمرهم". فخرجا حتى أدركاها بالخُلَيفة - خليفة بني [٢] أبي أحمد - فاستنزلاها بالخليفة، فالتمسا في رحلها فلم يجدا شيئًا فقال لها علي بن أبي طالب: إني أحلف بالله ما كذب رسول الله وما كذبنا ولتخرجني لنا هذا الكتاب أو لنكشفنَّك. فلما رأت الجدّ منه قالت: أعرض. فأعرض، فحلت قرون رأسها، فاستخرجت الكتاب منها، فدفعته إليه، فأتى به رسول الله فدعا رسول الله حاطبًا فقال: "يا حاطب؟ ما حملك على هذا؟ ". فقال: يا رسول الله، أما والله إني لمؤمن بالله ورسوله، ما غَيرت ولا بَدّلت، ولكني كنت امرأ ليس لي في القوم من أهل ولا عشيرة، وكان لي بين أظهرهم ولَدٌ وأهل فصانعتهم عليهم. فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله، دعني فَلأضربْ عنقه، فإن الرجل قد نافق. فقال رسول الله : "وما يدريك يا عمر! لعل الله قد اطلع إلى أصحاب بدر يوم بدر فقال: اعملوا ما شئتم، فقد غفرت لكم. فأنزل الله ﷿ في حاطب: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيهِمْ بِالْمَوَدَّةِ﴾ إلى قوله: ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَينَنَا وَبَينَكُمُ الْعَدَاوَةُ


= ابن سنان؛ قال أحمد: ليس بالقوي. وقال مرة: كان رجلًا صالحًا، ولم يكن يقيم الحديث. وقال النسائي: ليس به بأس، ووثقه الدارقطني ومن قبله ابن معين. وقال ابن عدي: له أفراد، وأرجو أنه بن لا يتعمد الكذب "ميزان الاعتدال" (٢/ ٣٣٣). وقال ابن حجر في التقريب: "صدوق له أوهام. والحارث هو ابن عبد الله الأعور كذبه الشعبي في رواية، ورمي بالرفض وفي حديثه ضعف.
(١٠) - السيرة النبوية لابن هشام (٤/ ٨٥٨ - ٨٥٩). ورواته ثقات وابن إسحاق صرح بالتحديث إلا أنه مرسل.