للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ. … ﴾. إلى آخر القصة.

وروى معمر (١١)، عن الزهري، عن عروة نحو ذلك. وهكذا ذكر مقاتل بن حيان: أن هذه الآيات نزلت في حاطب بن أبي بلتعة: أنه بعث سارة مولاة بني هاشم، وأنه أعطاها عشرة دراهم، وأن رسول الله بعث في أثرها عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب فأدركها بالجحفة … وذكر تمام القصة كنحو ما تقدم. وعن السدي قريب منه. وهكذا قال العوفي، عن ابن عباس ومجاهد، وقتادة، وغير واحد: إن هذه الآيات نزلت في حاطب بن أبي [١] بلتعة.

فقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ﴾. يعني: المشركين والكفار الذين هم محاربون لله ولرسوله والمؤمنين [٢] الذين شرع الله عداوتهم ومصارمتهم [٣]، ونهى أن يتخذوا أولياء وأصدقاء وأخلاء، كما قال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾، وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد، وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾. وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا﴾. وقال تعالى: ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيءٍ] [٤] إلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ﴾ ولهذا قَبل رسول الله عُذْرَ: حاطب لما ذكر أنه إنما فعل ذلك مصانعة لقريش، لأجل ما كان له عندهم من الأموال والأولاد.

ويذكر هاهنا الحديث الذي رواه الإمام أحمد (١٢).

حدثنا مصعب بن سلام، حدثنا الأجلح، عن قيس بن أبي مسلم، عن ربعي بن حراش [٥]، سمعت حُذيفة يقول: ضَرَب لنا رسول الله أمثالًا:


(١١) - أخرجه الطبري (٢٨/ ٦٠) وانظر السابق.
(١٢) - أخرجه أحمد (٥/ ٤٠٧) (٢٣٥٦٩). وفي إسناده قيس بن أبي مسلم ذكره البخاري في التاريخ (٧/ ١٥٤ - ١٥٥) ولم يذكر فيه جرحًا، لا تعديلًا وذكره ابن حبان، وابن خلفون في الثقات كما في التعجيل. والحديث ذكره الهيثمي في "المجمع" (٥/ ٢٣٥) وقال: رواه أحمد وفيه الأجلح (في =