للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال آخرون: بل ليس له القدرة [١] إلا على التخييل، كما قال تعالى: ﴿سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ﴾ وقال تعالى: ﴿يُخَيَّلُ إِلَيهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى﴾. واستدل به على أن بابل المذكورة في القرآن هي بابل العراق، لا بابل دُنباوند [٢] كما قاله السدي وغيره، ثم إن الدليل على أنها بابل العراق ما قال ابن أبي حاتم (٦١٣):

حدثنا علي بن الحسين، حدثنا أحمد بن صالح، حدّثني ابن وهب، حدّثني ابن لهيعة، ويحيى بن أزهر، عن عمار بن سعد المرادي، عن أبي صالح الغفاري [٣]: أن علي بن أبي طالب [مرّ ببابل وهو يسير، فجاء المؤذن يؤذنه لصلاة العصر، فلما برز منها أمر المؤذن فأقام الصلاة، فلما فرغ] [٤] قال: إن حبيبي نهاني أن أُصلي [بأرض المقبرة، ونهاني أن أصلي] [٥] ببابل فإنها ملعونة.

وقال أبو داود (٦١٤): حدثنا سليمان بن داود، أخبرنا ابن وهب، حدثني ابن لهيعة، ويحيى بن أزهر، عن عمار بن سعد المرادي، عن أبي صالح الغفاري [٦]: أن عليًّا مر ببابل، وهو يسير، فجاء المؤذن يؤذنه بصلاة العصر، فلما برز منها أمر المؤذن، فأقام الصلاة، فلما فرغ قال: إن حبيبي، ، نهاني: أن أصلي في المقبرة، ونهاني: أن أصلي بأرض بابل، فإنها ملعونة.

حدَّثنا أحمد بن صالح، حدَّثنا ابن وهب، أخبرني يحيى بن أزهر، وابن لهيعة، عن حجاج [٧] بن شداد، عن أبي صالح الغفاري [٨]، عن علي، بمعنى حديث سليمان بن داود قال: فلما "خرج" مكان "برز".

وهذا الحديث حسن عند الإمام أبي داود، لأنه رواه، وسكت عليه [٩]، ففيه من الفقه كراهيةُ الصلاة بأرض بابل، كما تكره بديار ثمود الذين نهى رسول الله عن الدخول إلى منازلهم، إلا أن يكونوا باكين.


(٦١٣) - تفسير ابن أبي حاتم برقم ١٠١٠ - (١/ ٣٠٤). وأبو صالح الغفاري -سعيد بن عبد الرحمن- عن علي مرسل- العلائي ص ١٨٢ - .
(٦١٤) - سنن أبي داود برقم (٤٩٠، ٤٩١).