للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فعلت. فقالا: فما رأيت؟ فقلت: لم أرى شيئًا. فقالا: كذبت؛ لم تفعلي، ارجعي إلى بلادك ولا تكفري؛ فإنك على رأس أمرك، فَأرَبْبَتُ وأبيت. فقالا: اذهبي إلى ذلك التنور فبولي فيه] [١] فذهبت إليه فبلت [٢] فيه، فرأيت فارسًا مقنعًا بحديد [خرج مني] [٣]، فذهب في السماء وغاب حتى ما أراه، فجئتهما فقلت: قد فعلت. فقالا: فما رأيت؟ قلت: رأيت فارسًا مقنعًا خرج [٤] مني [٥] فذهب في السماء حتى ما أراه. فقالا: صدقت، ذلك إيمانك خرج منك. اذهبي. فقلت للمرأة: والله ما أعلم شيئًا، وما قالا لي شيئًا. فقالت: بلى لم تريدي شيئًا إلا كان: خذي هذا القمح فابذر [٦]؛ فبذرت، وقلت: اطلعي فأطلعت [٧]، وقلت: [احقلي فأحقلت] [٨] ثم قلت: افركي، فأفركت، ثم قلت: أيبسي فأيبست، ثم قلت: اطحني فأطحنت، ثم قلت: اخبزي فأخبزت، فلما رأيت أني لا أريد شيئًا إلا كان، سُقِطَ في يدي، وندمت، -والله- يا أم المؤمنين؛ والله [٩] ما فعلت شيئًا قط، ولا أفعله أبدًا.

ورواه ابن أبي حاتم (٦١٢) عن الربيع بن سليمان، به [١٠] مطولًا كما تقدم. رزاد بعد قولها: ولا أفعله أبدًا: فسألت أصحاب رسول الله - صلى الله عليه رسلم-، حداثة وفاة رسول الله وهم يومئذ متوافررن، فما دَرَوْا ما يقولون لها، وكلهم هاب، وخاف أن يفتيها بما لا يعلمه، إلا أنه قد قال لها ابن عباس -أو بعض من كان عنده لو كان أبواك حيين أو أحدهما؟.

قال هشام: فلو جاءتنا أفتيناها بالضمان. قال ابن أبي الزناد: ركان هشام يقول: إنهم كانوا من أهل الورع رالخشية [١١] من الله. ثم يقول هشام: لو جاءتنا مثلها اليوم لوجدت نَوْكَى، أهل حمق رتكلف بغيرعلم.

فهذا إسناد جيد إلى عائشة .

وقد استدل بهذا الأثر من ذهب إلى أن الساحر له تمكن في قلب الأعيان، لأن هذه المرأة بذرت، واستغلت في الحال.


(٦١٢) - تفسير ابن أبي حاتم برقم ١٠٢٩ - (١/ ٣١٢) ورواه البيهقي في السنن الكبرى (٨/ ١٣٧) من طريق الربيع بن سليمان به مطولًا.