للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد: ﴿لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾ إلى قوله: ﴿كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ﴾ [فما بين ذلك] [١] في نفر من الأنصار، فيهم عبد الله بن رواحة، قالوا في مجلس: لو نعلم أيّ الأعمال أحب إلى الله، لعملنا بها حتى نموت. فأنزل الله هذا فيهم. فقال عبد الله بن رواحة: لا أبرح حبيسًا في سبيل الله حتى أموت. فقتل شهيدًا.

وقال ابن أبي حاتم (٨): حدثنا أبي، حدثنا فروة بن أبي المغراء، حدثنا علي بن مسهر، عن داود بن أبي هند، عن أبي حَرب بن [٢] أبي الأسود الدّيلي، عن أبيه، قال: بعث أبو موسى إلى قراء أهل البصرة، فدخل عليه منهم ثلاثمائة رجل، كلهم قد قرأ القرآن، فقال: أنتم قراء أهل البصرة وخيارهم. وقال: كنا نقرأ سورة كنا نشبهها بإحدى المسبحات، فأنسيناها، غير أني قد حفظت منها: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾. فتكتب شهادة في أعناقكم، فتسألون عنها يوم القيامة.

ولهذا قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ﴾. فهذا إخبار منه تعالى بمحبة عباده المؤمنين إذا اصطفوا مواجهين لأعداء الله في حومة الوغى، يقاتلون في سبيل الله مَن كفر بالله، لتكون كلمة الله هي العليا، ودينه هو الظاهر العالي على سائر الأديان.

قال الإِمام أحمد (٩): حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا هشيم، قال: مجالد أخبرنا عن أبي الودّاك، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله : "ثلاثة يضحك الله إليهم: الرجل يقوم من الليل، والقوم إذا صفوا للصلاة، والقوم إذا صفوا للقتال".

ورواه ابن ماجة من حديث مجالد عن أبي الوداك جبر بن نوف به.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين، حدثنا الأسود -يعْني: ابن شيبان- حدثني يزيد بن عبد الله بن الشخير، قال:: قال مُطَرّف: كان يبلغني


(٨) - إسناده رجاله ثقات.
(٩) - أخرجه أحمد (٣/ ٨٠) (١١٧٧٧). وابن ماجة في "المقدمة"، كتاب: فيما أنكرت الجهمية، حديث (٢٠٠) (١/ ٧٣). وفي إسناده مجالد وهو ابن سعيد: ليس بالقوي. قال البوصيري في الزوائد (١/ ٨٧): هنا إسناد فيه مقال: مجالد بن سعيد وإن أخرج له مسلم، فإنما روى له مقرونا بغيره. قال ابن عدي: عامة ما يرويه غير محفوظ. وعبد الله بن إسماعيل، قال أبو حاتم: مجهول، وذكره في الميزان. انتهى.