هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إلا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ قال: نعم، من شاء الله سلطهم عليه، ومن لم يشإ الله [١] لم يسلط، ولا يستطيعون ضر أحد إلا بإذن الله، كما قال الله تعالى. وفي رواية عن الحسن أنه قال: لا يضر هذا السحر إلا من دخل فيه.
وقوله تعالى: ﴿وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ﴾ أي: يضرهم في دينهم، وليس له نفع يوازي ضرره.
﴿وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ﴾. أي: ولقد علم اليهود الذين استبدلوا بالسحر عن متابعة الرسول [٢]ﷺ لمن فعل فعلهم؛ ذلك أنه ما له في الآخرة من خلاق.
قال ابن عباس، ومجاهد، والسدّى: من نصيحب، [وقال عبد الرازق: عن معمر، عن قتادة: ما له في الآخرة من جهة عند الله، وقال عبد الرازق، وقال الحسن: ليس له دين][٣].
وقال سعد [٤]: عن قتادة: ﴿مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ﴾. قال: ولقد [٥] علم أهل الكتاب فيما عهد الله إليهم؛ أن الساحر لا خلاق له في الآخرة.
وقوله تعالى: ﴿وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾، ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾. يقول تعالى: ﴿وَلَبِئْسَ﴾ البديل: ما استبدلوا به من السحر عوضًا عن الإيمان، ومتابعة الرسل، لو كان لهم [٦] علم بما وعظوا به. ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيرٌ﴾. أي: ولو أنهم آمنوا بالله ورسله [٧]، واتقوا المحارم، لكان مثوبةُ الله على ذلك خيرًا لهم، مما [٨] استخاروا لأنفسهم ورضُوا به، كما قال تعالى: ﴿وَقَال الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إلا الصَّابِرُونَ﴾.
وقد يستدل بقوله: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا﴾ من ذهب إلى تكفير الساحر، كما هو رواية عن الإمام أحمد بن حنبل (٦١٧)، وقول طائفة من السلف. وقيل: بل لا يكفر، ولكن حدُّه ضربُ عنقِه، لما رواه الشافعي، وأحمد بن حنبل رحمهما الله قال [٩]: أخبرنا سفيان [-هو ابن
(٦١٧) - رواه عبد الله بن أحمد في مسائل أبيه، ط. المكتب الإسلامي برقم (١٥٤٢) عن أبيه عن سفيان به.