للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رجال من أصحابه يجذبونني ويعنفونني، لكأنما قلت بَجْرًا، أن [١] قمت أشدد أمره. قالوا: ويلك، ارجع يستغفر لك رسول الله . فقال: والله ما أبتغي أن يستغفر لي.

وقال قتادة والسدي: أنزلت هذه الآية في عبد الله بن أُبيّ، وذلك أن غلامًا من قرابته انطلق إلى رسول الله فحدثه بحديث عنه وأمر شديد، فدعاه رسول الله ، فإذا هو يحلف بالله ويتبرأ من ذلك، وأقبلت الأنصار على ذلك الغلام فلاموه وعَذَموه، وأنزل الله فيه ما تسمعون، وقيل لعدو الله: لو أتيت رسول الله فجعل يلوي رأسه، أي: لست فاعلًا.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو الربيع الزهراني، حدثنا حماد بن زيد، حدثنا أيوب، عن سعيد بن جبير؛ أن رسول الله كان إذا نزل منزلًا لم يرتحل حتى يصلي فيه، فلما كانت غزوة تبوك، بلغه أن عبد الله بن أبي بن سلول؛ قال: ﴿لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ﴾. فارتحل قبل أن ينزل آخر النهار، وقيل لعبد الله بن أبيّ: إيت النبي حتى يستغفر لك. فأنزل الله: ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ﴾ إلى قوله: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ﴾.

وهذا إسناد صحيح إلى سعيد بن جبير. وقوله: إن ذلك كان في غزوة تبوك - فيه نظر، بل ليس بجيد، فإنّ عبد الله بن أبيّ بن سلول لم يكن ممن خرج في غزوة تبوك، بل رجع بطائفة من الجيش، وإنما المشهور عند أصحاب المغازي والسير أن ذلك كان [٢] في غزوة المُرَيسيع، وهي غزوة بني المصطلق:

قال يونس بن بكير عن ابن [٣] إسحاق (٣): حدثني محمد بن يحيى بن حَبان، وعبد الله بن أبي بكر، وعاصم بن عُمَر بن قتادة، في قصة بني المصطلق، فبينا رسول الله مقيم هناك، اقتتل على الماء جَهجاه بن سعيد الغفاري [٤] وكان أجيرَا لعمر بن الخطاب -وسنان بن وبر [٥]. قال ابن إسحاق: فحدثني محمد بن يحيى بن حَبان؛ قال: ازدحما على الماء فاقتتلا، فقال سنان: يا معشر الانصار. وقال الجهجاه: يا معشر المهاجرين -وزيد بن أرقم ونفر من الأنصار عند عبد الله بن أبيّ- فلما سمعها قال: قد


(٣) - السيرة النبوية (٣/ ٧٥٨ - ٧٦٠). وأخرجه البيهقي في الدلائل (٤/ ٥٢ - ٥٣) من طريق ابن إسحاق عن محمد بن يحيى.