للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي المسند (١١) حدثني مهدي بن جعفر، حدثنا الوليد بن مسلم، عن الحكم بن مصعب، عن محمد بن عليّ بن عبد الله بن عباس، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عباس؛ قال: قال رسول الله : "من أكثر من الاستغفار جعل الله له [١] من كل هم فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب".

وقال عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾، يقول: ينجيه من كل كرب في الدنيا والآخرة، ﴿وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ وقال الربيع بن خثيم: ﴿يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾ أي: من كل شيء ضاق علي الناس، [وقال عكرمة: من طلق كما أمره الله جعل له مخرجًا، وكذا روي عن ابن عباس، والضحاك] [٢].

وقال ابن مسعود، ومسروق: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾، يعلم أن الله إن شاء منع، وإن شاء أعطى ﴿مِنْ حَيثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾، أي: من حيث لا يدري.

وقال قتادة: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾، أي: من شبهات الأمور والكرب عند الموت، ﴿وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾، [ومن] [٣] حيث لا يرجو أو لا يأمل.

وقال السدي: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ﴾ يطلق للسنة ويراجع للسنة، وزعم أن رجلًا من أصحاب رسول الله يقال له: عوف بن مالك الأشجعي، كان له ابن، وأن المشركين أسروه، فكان فيهم، وكان أبوه يأتي رسول الله فيشكو إليه مكان ابنه وحاله التي هو بها وحاجته، فكان [٤] رسول الله يأمره بالصبر، ويقول له [٥]: "إن الله سيجعل لك فرجًا". فلم يلبث بعد ذلك إلا يسيرًا أن انفلت ابنه من أيدي العدو، فمر يغنم من أغنام العدو، فاستاقها فجاء بها إلي أبيه، وجاء معه [بغني] [٦] قد أصابه من الغنم، فنزلت هذه الآية: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ رواه ابن جرير (١٢)، وروي أيضًا من طريق سالم بن أبي الجعد (١٣) مرسلًا نحوه.

وقال الإِمام أحمد (١٤): حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن [٧] عبد الله عيسى، عن


(١١) المسند (١/ ٢٤٨) (٢٢٣٤) وانظر ما تقدم (سورة هود / آية ٥٢).
(١٢) تفسير الطبري (٣٨/ ١٣٨).
(١٣) التفسير (٢٨/ ١٣٨ - ١٣٩).
(١٤) المسند (٥/ ٢٧٧) (٢٢٤٨٧).