للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أشهر، عوضًا عن الثلاثة قروء في حق من تحيض، كما دلت على ذلك آية "البقرة"، وكذا الصغار اللائي لم يبلغن سن [١] الحيض: إن عدتهن كعدة الآيسة ثلاثة أشهر؛ ولهذا قال: ﴿وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ﴾.

وقوله: ﴿إن ارتبتم﴾ فيه قولان:

أحدهما- وهو قول طائفة من السلف، كمجاهد، والزهري، وابن زيد -أي: إن رأين دمًا وشككتم في كونه حيضًا أو استحاضة، وارتبتم فيه.

والقول الثاني: إن ارتبتم في حكم عدتهن، ولم تعرفوه فهو ثلاثة أشهر. وهذا مروي عن سعيد بن جبير، و [هو] [٢] اختيار ابن جرير، وهو أظهر في المعنى، وَاحتَجّ عليه بما رواه (٢٠) عن أبي كريب وأبي السائب؛ قالا: حدثنا ابن إدريس، أخبرنا مطرف، عن عمرو بن سالم؛ قال: قال أبيّ بن كعب: يا رسول الله، إن عِدَدًا من عدد النساء لم تذكر في الكتاب: الصغار والكبار وأولات الأحمال. قال: فأنزل الله ﷿: ﴿وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾.

ورواه ابن أبي حاتم بأبسط من هذا السياق؛ فقال: حدثنا أبي، حدثنا يحيى بن المغيرة، أخبرنا جرير، عن مُطَرِّف، عن عمر بن سالم، عن أبي بن كعب؛ قال: قلت لرسول الله : إن ناسًا من أهل المدينة لما أنزلت هذه الآية التي في "البقرة" في عدة النساء؛ قالوا: لقد بقي من عدة النساء عدَدٌ لم يُذكَرْنَ في القرآن: الصغار والكبار اللائي قد انقطع عنهن الحيض وذوات الحمل. قال: فأنزلت التي في النساء القصري: ﴿وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ [فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ] [٣]﴾.

وقوله: ﴿وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ يقول تعالى: ومن كانت حاملًا فعدتها بوضعه، ولو كان بعد الطلاق أو الموت [بفُواق ناقة] [٤]، في قول جمهور العلماء من السلف والخلف، كما هو نص هذه الآية الكريمة، [و] [٥] كما وردت به السنة النبوية. وقد رُوي عن علي، وابن عباس أنهما ذهبا في المتوفى عنها زوجها أنها تعتد بأبعد الأجلين من الوضع أو الأشهر، عملًا بهذه الآية الكريمة والتي في سورة البقرة، وقد قال


(٢٠) أخرجه الطبري (٢٨/ ١٤١).