للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وله أن يستدل على ذلك بما ثبت في الصحيح (٦٢٥): أن رسول الله قال: "العين حق ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين".

قال: فإذا عرفت هذا فنقول: النفس التي تفعل هذه الأفاعيل قد تكون قوية جدًّا، فتستغني في هذه الأفاعيل [١] عن الاستعانة بالآلات والأدوات، وقد تكون ضعيفة؛ فتحتاج إلى الاستعانة بهذة الآلات.

وتحقيقُه أن النفس إذا كانت [مستعلية على] [٢] البدن شديدة الانجذاب إلى عالم السموات، صارت كأنها روح من الأرواح السماوية، فكانت قوية على التأثير في مواد هذا العالم، وإذا كانت ضعيفة شديدة التعلق بهذة الذات [٣] البدنية، فحينئذ لا يكون لها تصرفٌ ألبتة إلا في هذا البدن. ثم أرشد إلى مداواة هذا الداء بتقليل الغذاء، والانقطاع عن [الناس] [٤] [والرياضة] [٥].

(قلت): وهذا الذي يشير إليه هو التصرف بالحال، وهو علي قسمين: تارة تكون [٦] حالًا صحيحة شرعية يتصرف [بها فيما] [٧] أمر الله ورسوله []، ويترك [٨] ما نهى الله تعالى عنه ورسوله، ، فهذه [٩] الأحوال مواهبٌ من الله تعالى؛ وكراماتٌ للصالحين من هذه الأمة، ولا يسمى هذا سحرًا في الشرع.

وتارة تكون الحالة فاسدة لا يمتثل صاحبها ما أمر الله ورسوله، ، ولا يتصرف بها في ذلك. فهذه حال الأشقياء المخالفين للشريعة، ولا يدل إعطاء الله إيَّاهم هذه الأحوال على محبته لهم، كما أن الدجال -لعنه الله- له من [١٠] الخوارق للعادات ما دلت عليه الأحاديث الكثيرة مع إنّه مذموم شرعًا لعنه الله!. وكذلك عن شابهه من مخالفي الشريعة المحمدية، على صاحبها أفضل الصلاة والسلام. وبسط هذا يطول جدًّا؛ وليس هذا موضعه.

قال: (والنوع الثالث) من السحر: الاستعانة [بالأرواح [١١] الأرضية] [١٢]؛ وهم الجن خلافًا للفلاسفة والمعتزلة: وهم على قسمين: مؤمنين [١٣]، وكفار وهم الشياطين.


(٦٢٥) - رواه مسلم في كتاب السلام برقم ٤٢ - (٢١٨٨) من حديث عبد الله بن عباس .