للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقالت: أي رسول الله، كيف يَحْرُم عليك الحلال [١]؟ فحلف لها بالله لا يصيبها. فأنزل الله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾. قال زيد: فقوله: "أنت عليَّ حرام" لغوٌ. وهكذا روي عبد الرحمن بن زيد، عن أبيه.

وقال ابن جرير أيضًا: حدثنا يونس، أخبرنا ابن وهب، عن مالك، عن زيد بن أسلم قال: قال لها: "أنت عليّ حرام ووالله لا أطؤك". وقال سفيان الثوري (٣) وابن عُليَّة [٢] (٤)، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن مسروق قال: آلى رسول الله وحَرّم فعُوتبَ في التحريم، وأمر بالكفارة في اليمين. رواه ابن جرير. وكذا روي عن قتادة، وغيره، عن الشعبي، نفسُه. وكذا قال غير واحد من السلف، منهم الضحاك، والحسن، وقتادة، ومقاتل بن حيان، وروي العوفي عن ابن عباس القصة مطولة.

وقال ابن جرير (٥): حدثنا سعيد بن يحيى، حدثنا أبي، حدثنا محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن عُبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس قال: قلت لعمر بن الخطاب: من المرأتان؟ قال: عائشة وحفصة. وكان بدء الحديث في شأن أم إبراهيم القبطية، أصابها النبي في بيت حفصة في نوبتها، فَوَجدت حفصة، فقالت: يا نبي الله، لقد جئت إليّ شيئًا ما جئت إلى أحد من أزواجك في يومي، وفي دوري، وعلى فراشي. قال: "ألا ترضين أن أحرّمها فلا أقربها؟ " قالت: بلى. فحرّمها، وقال: "لا تذكري ذلك لأحد". فذكرته لعائشة، فأظهره الله عليه، فأنزل الله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ﴾ … الآيات، فبلغنا: أن رسول الله كفر يمينه، وأصاب [٣] جاريته.

وقال الهيثم بن كليب في مسنده: حدثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي، حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا جرير بن حازم، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر قال: قال النبي لحفصة: "لا تخبري أحدًا، وإن أم إبراهيم، عليّ حرام". فقالت: أتحرم ما أحل الله لك؟ قال: "فوالله لا أقربها". قال: فلم يقربها حتى أخبرت عائشة. قال: فأنزل الله: ﴿قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيمَانِكُمْ﴾.

وهذا إسناد صحيح، ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة، وقد اختاره الحافظ


(٣) تفسير الطبري (٢٨/ ١٥٦).
(٤) تفسير الطبري (٢٨/ ١٥٦).
(٥) تفسير الطبري (٢٨/ ١٥٨).