للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الضياء المقدسي في كتابه المستخرج.

وقال ابن جرير (٦): حدثني يعقوب بن إبراهيم، حدثنا ابن علية، حدثنا هشام الدستوائي قال: كتب إلي يحيي يحدّث عن يعلى [١] بن حكيم، عن سعيد بن جبير: أن ابن عباس كان يقول في الحرام: يمين تكفرها، وقال ابن عباس: ﴿لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة﴾، يعني: أن رسول الله حرم جاريته فقال الله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾ إلى قوله: ﴿قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيمَانِكُمْ﴾، فكفر يمينه، فصير الحرام يمينًا.

ورواه البخاري (٧) عن معاذ بن فضالة، عن هشَام -هو الدستوائي-، عن يحيى -هو ابن أبي كثير-، عن ابن حكيم -وهو يَعلى-، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في الحرام: يمين تُكَفر. قال ابن عباس: ﴿لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة﴾.

ورواه مسلم (٨) من حديث هشام الدّستوائي به، وقال النسائي (٩): أخبرنا عبد الله بن عبد الصمد بن عليّ، حدثنا مخلد -هو ابن يزيد-، حدثنا سفيان، عن سالم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: أتاه رجل فقال: إني جعلت امرأتي عليّ حَرَامًا؟ قال: كذبتَ ليست عليك بحرام، ثم تلا هذه الآية: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾ عليك [٢] أغلظ الكفارات، عتق رقبة.

تفرد به النسائي من هذا الوجه بهذا اللفظ. وقال الطبراني (١٠): حدثنا محمد بن زكرّيا، حدثنا عبد الله بن رجاء، حدثنا إسرائيل، عن مسلم، عن مجاهد، عن ابن عباس في قوله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾ قال: حرم رسول الله سُرّيَّته.

ومن هاهنا ذهب من ذهب من الفقهاء ممن قال بوجوب الكفارة علي من حَرّم جاريته أو زوجته، أو طعامًا أو شرابًا، أو ملبسًا، أو شيئًا من المباحات. وهو مذهب الإِمام أحمد


(٦) تفسير الطبري (٢٨/ ١٥٧).
(٧) صحيح البخاري، كتاب: التفسير، باب: سورة التحريم (١)، حديث (٤٩١١) (٨/ ٦٥٦).
(٨) صحيح مسلم، كتاب: الطلاق، باب: وجوب الكفارة على من حرم امرأته ولم ينو الطلاق (١٨/ ١٤٧٣) (١٠/ ١٠٦).
(٩) سنن النسائي (٦/ ١٥١) كتاب: الطلاق، باب: تأويل قوله- ﷿: ﴿لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾.
(١٠) المعجم الكبير (١١/ ٨٦) (١١١٣٠). قال الهيثمي في "المجمع" (٧/ ١٢٩): رواه البزار بإسنادين والطبراني، ورجال البزار رجال الصحيح غير بشر بن آدم الأصغر وهو ثقة.