للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وطائفة. وذهب الشافعي إلى أنه لا تجب الكفارة فيما عدا الزوجة والجارية، إذا حَرّم عينيهما أو أطلق التحريم فيهما في قوله، فأما إن نوى بالتحريم طلاقَ الزوجة أو عتق الأمة، نفذ فيهما.

وقال ابن أبي حاتم: حدثني أبو عبد الله الظهراني، أخبرنا حفص بن عمر العدني، أخبرنا الحكم بن أبان، حدثنا عكرمة، عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾ في المرأة التي وهبت نفسها للنبي . وهذا قول غريب والصحيح. أن ذلك كان في تحريمه العسل كما قال البخاري (١١) عند هذه الآية:

حدثنا إبراهيم بن موسى، أخبرنا هشام بن يوسف، عن ابن جريج، عن عطاء، عن عبيد بن عمير، عن عائشة قالت: كان النبي يشرب عسلًا عند زينب بنت جَحش، ويمكث عندها، فتواطأت أنا وحفصة على أيتنا دخل عليها، فلتقل [١] له: أكلت مغافير؟ إني أجد منك ريح مغافير قال: "لا، ولكني كنت أشرب عسلًا عند زينب بنت جحش فلن أعود له، وقد حلفت، لا تخبري بذلك أحدًا [٢] "، ﴿تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ﴾ هكذا أورد هذا الحديث هاهنا بهذا اللفظ، وقال في كتاب الإيمان والنذور (١٢): حدثنا الحسن بن محمد، حدثنا الحجاج، عن ابن جريج قال: زعم عطاء أنه سمع عُبَيد بن عمير يقول: سمعتُ عائشة تزعم: أن رسول الله كان يمكث عند زينب بنت جَحش ويشرب عندها عَسَلًا، فتواصيتُ [٣] أنا وحفصة أن أيتُنا دخل عليها النبي فَلْتقُلْ: إني أجد منك ريح مغافير؛ أكلت مغافير؟ فدخل على إحداهما النبي فقالت ذلك له، فقال: "لا، بل شربت عسلًا عند زينب بنت جَحش، ولن أعود له"، فنزلت: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾ إلى: ﴿إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾ لعائشة وحفصة ﴿وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا﴾ لقوله: "بل شربت عسلًا". وقال إبراهيم ابن موسى، عن هشام: "ولن أعود له، وقد حلفت، فلا تخبري [٤] بذلك أحدًا".

وهكذا رواه في كتاب الطلاق (١٣) بهذا الإسناد ولفظه قريب منه. ثم قال: المغافير: "شبيه بالصمغ، يكون في الرمت فيه حلاوة، أغفر الرّمث. إذا ظهر فيه. واحدها مُغفور، ويقال:


(١١) صحيح البخاري، كتاب: التفسير، باب: (٦٦ - ١)، حديث (٤٩١٢) (٨/ ٦٥٦) وأطرافه في: [٥٢١٦، ٥٢٦٧، ٥٢٦٨، ٥٤٣١، ٥٥٩٩، ٥٦١٤، ٥٦٨٢، ٦٦٩١، ٦٩٧٢].
(١٢) صحيح البخاري، كتاب: الإيمان والنذور، باب: إذا حرم طعامًا، حديث (٦٦٩١) (١١/ ٥٧٤).
(١٣) صحيح البخاري، كتاب: الطلاق، باب: ﴿لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾، حديث (٥٢٦٧).