للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد روى الحافظ ابن عساكر (٨) في تاريخه، في ترجمة أحمد بن نصر بن زياد، أبي عبد الله القرشي النيسابوري، المقرئ الزاهد الفقيه، أحد الثقات الذين روى عنهم البخاري ومسلم، لكن في غير الصحيحين، وروى عنه الترمذي وابن ماجة وابن خزيمة، وعليه تفقه في مذهب أبي عُبَيد بن حَربَويه، وخلق سواهم، ساق بسنده من حديثه عن فرات بن السائب، عن الزهري، عن أنس بن مالك؛ قال: قال رسول الله : "إن رجلًا ممن كان قبلكم مات وليس معه شيء من كتاب الله إلا "تبارك"، فلما وضع في حفرته أتاه الملَك فثارت السورة في وجهه، فقال لها: إنك من كتاب الله، وأنا أكره مساءتك، وإني لا أملك [لك ولا] [١] له ولا لنفسي ضرًّا ولا نفعًا، فإن أردت هذا به فانطلقي إلى الرب فاشفعي له. فتنطلق إلى الرب فتقول: يا رب، إن فلانًا عَمَد إليّ من بين كتابك فتَعَلّمني وتلاني، أفتحرقه أنت بالنار وتعذبه وأنا في جوفه؟ فإن كنت فاعلًا ذاك به فامحني من كتابك. فيقول: ألا أراك غضبت؟ فتقول: وحُق لي أن أغضب. فيقول: اذهبي فقد وهبته لك، وشَفعتك فيه". قال: "فتجيء فيخرج [٢] الملك، فيخرج كاسف البال، لم يحل منه بشيء". قال: "فتجيء فتضع فاها على فيه، فتقول: مرحبًا بهذا الفم، فربما تلاني، ومرحبًا بهذا الصدر، فربما وعاني، ومرحبًا بهاتين القدمين، فربما قامتا بي؛ وتؤنسه في قبره مخافة الوحشة عليه". قال: فلما حَدّث بهذا رسول الله لم يبق صغير ولا كبير ولا حُرّ ولا عَبد إلا تعلمها، وسماها رسول الله المنجية.

قلت: وهذا حديث منكر جدًّا، وفرات بن السائب هذا ضعفه الإمام أحمد، ويحيى بن معين، والبخاري، وأبو حاتم، والدارقطني وغير واحد. وقد ذكره ابن عساكر من وجه آخر، عن الزهري، من قوله مختصرًا، وروى البيهقي في كتاب "إثبات عذاب القبر" عن ابن مسعود موقوفًا ومرفوعًا ما يشهد لهذا، وقد كتبناه في كتاب الجنائز [٣] من الأحكام الكبرى، ولله الحمد والمنة.

﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ (١) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (٢) الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (٣) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَينِ يَنْقَلِبْ إِلَيكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ (٤) وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ


(٨) أخرجه ابن عساكر في "تاريخه" (٢/ ٢٥٦ - مخطوط).