للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ (٥) وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٦)

يمجد تعالى نفسه الكريمة، ويخبر أنه بيده الملك [١]، أي: هو المتصرف في جميع المخلوقات بما يشاء لا معقب لحكمه، ولا يسأل عما يفعل لقهره وحكمته وعدله؛ ولهذا قال: ﴿وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ﴾.

ثم قال: ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ﴾، [واستدل بهذه الآية] [٢] من قال: إن الموت أمر وجودي لأنه مخلوق. ومعنى الآية أنه أوجد الخلائق من العدم، ليبلوهم ويختبرهم أيهم أحسن عملًا؟ كما قال: ﴿كَيفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ﴾، فسمى الحال الأول -وهو العلم- موتًا [٣]، وسمى هذه النشأة حياة. ولهذا قال: ﴿ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ﴾.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة، حدثنا [٤] صفوان، حدثنا الوليد، حدثنا خُلَيد، عن قتادة في قوله: ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ﴾، قال: كان رسول الله يقول: "إن الله أذل بني آدم بالموت، وجعل الدنيا دار حياة، ثم دار موت، وجعل الآخرة دار جزاء ثم دار بقاء".

ورواه معمر عن قتادة [] [٥].

وقوله: ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ أي: خير عملًا، كما قال محمد بن عجلان: ولم يقل أكثر عملا.

ثم قال: ﴿وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ﴾، أي: هو [٦] العزيز العظيم المنيع الجناب، وهو مع ذلك غفور لمن تاب إليه وأناب، بعدما عصاه وخالف أمره، وإن كان تعالى عزيزًا هو [مع ذلك] [٧] يغفر ويرحم ويصفح ويتجاوز.

ثم قال تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا﴾، أي: طبقة بعد طبقة، وهل هن متواصلات بمعنى أنهن علويات بعضهن على بعض، أو متفاصلات بينهن خلاء؟ فيه قولان: أصحهما الثاني، كما دل على ذلك حديث الإسراء وغيره.


[١]- سقط من خ.
[٢]- في ز: "استدل هذا الأمر".
[٣]- سقط من خ.
[٤]- سقط من ز.
[٥]- في ز: قوله.
[٦]- سقط من خ.
[٧]- سقط من خ.