للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يهلك الناسُ حتى يُعذروا من أنفسهم".

وفي "حديث آخر] [١]: "لا يدخل أحد النار إلّا وهو يعلم أن النار أولى به من الجنة".

﴿إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (١٢) وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَو اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (١٣) أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٤) هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيهِ النُّشُورُ (١٥)

يقول تعالى مخبرًا عمن يخاف مقام ربه فيما بينه وبينه إذا كان غائبًا عن الناس، فينكف عن المعاصي ويقوم بالطاعات، حيث لا يراه أحد إلا اللَّه: بأنه له مغفرة وأجر كبير، أي [٢]: يكفر عنه ذنوبه، ويجازى بالثواب الجزيل، كما ثبت في الصحيحين (١٠): " سبعة يظلهم اللَّه في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله". فذكر منهم رجلا دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف اللَّه، ورجلا تصدق بصدقة فأخفاها، حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه.

وقال الحافظ أبو بكر البزار (١١) في مسنده: حدثنا طالوت بن عباد، حدثنا الحارث بن عبيد، عن ثابت، عن أنس؛ قال: قالوا: يا رسول اللَّه؛ إنا نكون عندك على حال، باذا فارقناك كنا على غيره؟ قال: "كيف أنتم وربكم؟ " قالوا: اللَّه ربنا في السر والعلانية. قال: "ليس ذلكم النفاق".

لم يروه عن ثابت إلا الحارث بن عبيد فيما نعلمه.

ثم قال تعالى منبهًا على أنه مطلع على الضمائر والسرائر: ﴿وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَو اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾، أي: بما خطر في القلوب، ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ﴾، أي: ألا يعلم الخالق. وقيل: معناه: ألا [٣] يعلم اللَّه مخلوقه؟ والأول أولى، لقوله، ﴿وَهُوَ اللَّطِيفُ


(١٠) أخرجه البخاري في كتاب: الأذان، باب: من جلس في المسجد ينتظر الصلاة، وفضل المساجد، حديث (٦٦٠) (٢/ ١٤٣). وأطرافه في [١٤٢٣، ٦٤٧٩، ٦٨٠٦]. ومسلم في كتاب: الزكاة، باب: فضل إخفاء الصدقة، حديث (٩١/ ١٠٣١) (٧/ ١٦٩) وما بعدها.
(١١) أخرجه البزار (١/ ٦٦ - مختصر) (١٠) قال الهيثمي في "المجمع" (١/ ٣٩): رواه أبو يعلى [٣٣٦٩ - إلا أنه قال ونبيكم] والبزار ورجال أبي يعلى رجال الصحيح.