وسلم:" ﴿ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ﴾: لوح من نور، وقلم من نور يجري بما هو كائن إلى يوم القيامة". وهذا مرسل غريب.
وقال ابن جريج [١]: أخبرت أن ذلك القلم من نور طوله مائة عام.
وقيل: المراد بقوله: ﴿ن﴾ دواة، والقلم: القلم. قال ابن جرير:
حدثنا [][٢] عبد الأعلى، حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن الحسن وقتادة في قوله: ﴿ن﴾، قالا: هي الدواة. وقد روي في هذا حديث مرفوع غريب جدًّا، فقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا هشام بن خالد، حدثنا الحسن بن يحيى، حدثنا أبو عبد اللَّه مولى في [٣] أمية، في أبي صالح، عن أبي هريرة؛ قال: سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: "خلق اللَّه النون، وهي الدواة".
وقال ابن جرير (٨): حدثنا ابن حميد، حدثنا يعقوب، حدثنا أخي عيسى بن عبد اللَّه، حدثنا ثابت [البناني][٤] عن ابن عباس؛ قال: أن اللَّه خلق النون -وهي الدواة- وخلق القلم، فقال: اكتب. قال: وما أكتب؟ قال [٥]: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة من عمل معمول، بر [٦] أو فجور، أو رزق مقسوم حلال أو حرام. ثم ألزم كلّ شيء من ذلك شأنه: دخوله في الدنيا، ومقدمه فيها كم [٧]؟ وخروجه منها كيف؟ ثم جعل على العباد حفظة، وللكتاب خزانًا، فالحفظة ينسخون كل يوم من الخزان عمل ذلك اليوم، فإذا فني الرزق وانقطع الأثر وانقضى الأجل؛ أنت الحفظة الخزنة يطلبون عمل ذلك اليوم، فتقول لهم الخزنة: ما نجد لصاحبكم عندنا شيئًا. فترجع الحفظة فيجدونهم قد ماتوا. قال: فقال ابن عباس: ألستم قومًا عَرَبًا تسمعون الحفظة يقولون: ﴿إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾؟ وهل يكون الاستنساخ إلا من أصل؟!
وقوله: ﴿وَالْقَلَمِ﴾: الظاهر أنه جنس القلم الذي يكتب به [٨] كقوله: ﴿اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (٤) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾. فهو قسم منه تعالى، وتنبيه لخلقه على ما أنعم به عليهما من تعليم الكتابة التي بها تنال العلوم؛ ولهذا قال: ﴿وَمَا يَسْطُرُونَ﴾، قال ابن عباس، ومجاهد، وقتادة: يعني وما [يكتبون.