أسلم؛ قال: قال رسول الله ﷺ: "تبكي السماء من عبد أصح الله جسمه، وأرحب جوفه، وأعطاه [من الدُّنيا][١] مِقْضَمًا، فكان للنَّاس ظلومًا" قال: "فذلك العُتُل [٢] الزنيم".
وهكذا رواه ابن أبي حاتم من طريقين مرسلين، ونص عليه غير واحد من السلف، منهم مجاهد، وعكرمة، والحسن، وقتادة، وغيرهم: أن العتل هو: المصُحَّح الخَلْق، الشديد القوي في المأكل والمشرب والمنكح وغير ذلك، وأمَّا الزنيم فقال البُخاريّ (٣٦):
حدَّثنا محمود، حدَّثنا عُبَيد [٣] الله، عن إسرائيل، عن أبي حَصِين، عن مجاهد، عن ابن عباس: ﴿عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ﴾، قال: رجل من قريش له زَنمة مثل زنمة الشَّاةِ.
ومعنى هذا أنَّه كان مشهورًا بالشر كشهرة الشَّاةِ ذات الزنمة من بين أخواتها. وإنَّما الزنيم في لغة العرب: هو الدَّ عِيّ في القوم. قاله ابن جرير وغير واحد من الأئمة، قال: ومنه قول حسَّان بن ثابت، يعني يذم بعض كفار قريش:
وأنت زنيم نيط في آل هاشم … كما نيط خلف الراكب القدح الفرد
وقال آخر:
زنيم ليس يعرف من أبوه … بغي الأم ذو حسب لئيم
وقال ابن أبي حاتم: حدَّثنا عمار بن خالد الواسطيّ، حدَّثنا أسباط، عن هشام، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله: ﴿زَنِيمٍ﴾، قال: الدعي [٤] الفاحش اللئيم. ثم قال ابن عباس:
زنيم تداعاه الرجال زيادة … كما زيد في عرض الأديم إلا كارع [٥]
وقال العوفي عن ابن عباس: الزنيم: الدعي. ويقال: الزنيم: رجل كانت به زنمة، يعرف بها. ويقال: هو الأخنس بن شريق الثَّقفيُّ، حليف بني زهرة. وزعم أناس من بنى زهرة أن الزنيم الأسودُ بن عبد يغوث الزُّهريّ، وليس به.
وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد، عن ابن عباس: إنَّه زعم أن الزنيم المُلحَق النسب.
وقال ابن أبي حاتم: حدثني يونس، حدَّثنا ابن وهب، حدثني سليمان بن بلال، عن عبد
(٣٦) صحيح البُخاريّ في كتاب: التفسير، باب: ﴿عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ﴾، حديث (٤٩١٧) (٨/ ٦٦٢).