للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحمد بن حنبل-: عمر بن هارون، حدثنا يونس، عن الزهريّ قال: يقتل ساحر المسلمين، ولا يققال ساحر المشركين؛ لأن رسول الله سحرته امرأة من اليهود فلم يقتلها.

[وقد نقل القرطبي، عن مالك أنه قال في الذمي إذا سحر: يقتل إن قتل سِحْرُهُ، وحكى ابن خويز منداد، عن مالك روايتين في الذمي إذا سحر:

إحداهما: أنه يستتاب فإن أسلم، وإلا قتل.

والثانية: أنه يُقْتَل وإن أسلم.

وأمّا الساحر المسلم، فإن تضمَّن كفرًا؛ كفر عند الأئمة الأربعة وغيرهم، لقوله تعالى: ﴿وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ﴾، لكن قال مالك: إذا ظُهِرَ عليه لم تقبل توبته؛ لأنه كالزنديق، فإن تاب قبل أن يُظهر عليه وجاءنا] [١] [تائبًا قبلناه، فإن قَتَلَ سِحْرُهُ قُتِلَ.

قال الشافعي: فإن قال: لم أتعمد القتل فهو مخطئ تجب عليه الدية.

(مسألة) وهل يُسْأَلُ الساحرُ حلًّا لسحره؟ فأجارُه سعيد بن المسيب، فيما نقله نقلًا عنه البخاري، وقال عامر الشعبي: لا بأس بالنشرة (٦٣٤). وكره ذلك الحسن البصري، وفي الصحيح عن عائشة أنها قالت: يا رسول الله! هلا تنشرت؟ فقال: "أمّا الله فقد شفاني، وخشيت أن أفتح على الناس شرًّا" (٦٣٥)، وحكى القرطبي عن وهب أنه قال: يؤخذ سبع ورقات من سدر، فتدق بين حجرين، ثم تضرب بالماء، ويقرأ عليها آية الكرسي، ويشرب منها المسحور ثلاث حسوات، ثم يغتسل بباقيه، فإنه يذهب ما به، وهو جيد للرجل الذي يؤخذ عن امرأته.

(قلت): أنفع ما يستعمل لإذهاب السحر ما أنزل الله على رسوله في إذهاب ذلك وهو المعوذتان، وفي الحديث: "لم يتعوذ المتعوذ بمثلهما" (٦٣٦) وكذلك قراءة آية الكرسي؛ فإنها مطردة للشيطان] [٢].


(٦٣٤) - النُشرة؛ بالضم: ضرب من الرقية، والعلاج، يعالج به من كان ظن أن به مَسًّا من الجن. النهاية (٥/ ٥٤)، وقيل: هي حل السحر عن المسحور، وهي نوعان، أحدهما: حل بسحر مثله، وهو الذي من عمل الشيطان، والثاني: النشرة؛ الرقية، والتعوذات، والأدوية، والدعوات المباحة، فهذا جائز.
(٦٣٥) - متفق عليه، رواه البخاري في كتاب الطب، باب: السحر برقم (٥٧٦٦)، ومسلم في كتاب السلام برقم ٤٣ - (٢١٨٩).
(٦٣٦) - رواه النسائي في السنن (٨/ ٢٥١) من حديث عقبة بن عامر، .