للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الإمام أحمد (١٦): حدثنا علي بن إسحاق، أخبرنا عبد الله، أخبرنا سعيد بن يزيد، عن أبي السمح، عن عيسى بن هلال الصَّدَفي [١]، عن عبد الله بن عمرو؛ قال: قال رسول الله صلى الله معحليه وسلم: "لو أن رَصَاصةً مثل هذه - وأشار إلى مثل [٢] جُمْجُمة - أرسلت من السماء إلى الأرض، وهي مسيرة خمسمائة سنة، لبلغت الأرض قبل الليل. ولو أنها أرسلت من رأس السلسلة، لسارت أربعين خريفًا الليلَ والنهارَ، قبل أن تبلغ قعرها أو أصلها".

وأخرجه الترمذي (١٧)، عن سُويد [بن نصر] [٣]، عن عبد الله بن المبارك به. وقال: هذا حديث حسن.

وقوله: ﴿إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (٣٣) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ﴾، أي: لا يقوم بحق الله عليه من طاعته وعبادته، ولا ينفع خلقه ويؤدي حقهم، فإن لله على العباد أن يوحدوه ولا يشركوا به شيئًا، وللعباد بعضهم على بعض حق الإِحسان والمعاونة على البر والتقوى؛ ولهذا أمر الله بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وقبض النبي وهو يقول: "الصلاة، وما ملكت أيمانكم" (١٨).

وقوله: ﴿فَلَيسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ (٣٥) وَلَا طَعَامٌ إلا مِنْ غِسْلِينٍ (٣٦) لَا يَأْكُلُهُ إلا الْخَاطِئُونَ﴾، أي: ليس له اليوم من ينقذه من عذاب الله، لا حميم، وهو القريب، ولا شفيع يطاع، ولا طعام له هاهنا إلا من غسلين. قال قتادة: هو شر طعام أهل النار، وقال الربيع والضحاك: هو شجرة في جهنم. وقال ابن أبي حاتم (١٩): حدثنا أبي، حدثنا منصور بن أبي مزاحم، حدثنا أبو سعيد المؤدب، عن خصيف، عن مجاهد، عن ابن عباس؛ قال: ما أدري ما الغسلين؟ ولكني أظنه الزقوم. وقال شبيب بن بشر عن عكرمة، عن ابن عباس؛ قال: الغسلين: الدم والماء يسيل من لحومهم. وقال علي بن أبي طلحة عنه: الغسلين: صديد أهل النار.


(١٦) أخرجه أحمد (٢/ ١٩٧) (٦٨٥٦).
(١٧) والترمذي في كتاب: صفة الجنة، باب: ذكر السلسة بالنار، حديث (٢٥٩١) (٧/ ٢٥٦، ٢٥٧). قال الترمذي: إسناده حسن وفي بعض النسخ قال: حسن صحيح.
(١٨) أخرجه أحمد (٣/ ١١٧) (١٢١٨٩). والنسائي في الكبرى (٤/ ٢٥٨) في كتاب: الوفاة، باب: ذكر ما كان يقوله النبي في مرضه، حديث (٧٠٩٤، ٧٠٩٥). وابن ماجة في كتاب: الوصايا، باب: هل أوصى رسول الله ، حديث (٢٦٩٧) (٢/ ٩٠٠ - ٩٠١)، والحاكم (٣/ ٥٧) وعزاه للصحيحين، وأقره الذهبي، ولم يعزه المزي في التحفة لهما. وصححه الألباني في الإرواء (٧/ ٢٣٧) (٢١٧٨).
(١٩) ذكره السيوطي في "الدر" (٦/ ٤١٢) وزاد نسبته إلى أبي القاسم الزجاجي النحوي في أماليه.