للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ (٣٥) وَلَا طَعَامٌ إلا مِنْ غِسْلِينٍ (٣٦) لَا يَأْكُلُهُ إلا الْخَاطِئُونَ (٣٧)

وهذا إخبار عن حال الأشقياء إذا أعطي أحدهم [١] كتابه في العَرَصات بشماله، فحينئذ يندم غاية الندم، فيقول: ﴿يَاليتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ يَاليتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ﴾.

قال الضحاك: يعني موتة لا حياة بعدها. وكذا قال محمد بن كعب، والربيع، والسدي.

وقال قتادة: تمنى الموت، ولم يكن شيء في الدنيا أكره إليه منه.

﴿مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (٢٨) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ﴾، أي: لم يدفع عني مالي ولا جاهي عذاب الله وبَأسه، بل خَلص الأمر إليَّ وحدي، فلا معين لي [٢] ولا مجير. فعندها يقول الله ﷿: ﴿خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (٣٠) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ﴾، أي: يأمر الزبانية أن تأخذه عُنْفًا من المحشر، فَتَغُله، أي: تضع الأغلال في عنقه، ثم تورده إلى جهنم فتصليه إياها، أي: تغمره فيها.

قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا أبو خالد، عن عمرو بن قيس، و [٣] عن المنهال بن عمرو؛ قال: إذا قال الله ﷿: خذوه، ابتدره سبعون ألف ملك، إن الملك منهم ليقول هكذا فيلقي سبعين ألفًا في النار.

وروى ابن أبي الدنيا في "الأهوال": إنه يبتدره أربعمائة ألف، ولا يبقى شيء إلا دَقّه، فيقول: ما لي ولك؟ فيقول: أن الرب عليك غضبان، فكل شيء غضبان عليك.

وقال الفضيل -هو ابن عياض -: إذا قال الرب ﷿: ﴿خُذُوهُ فَغُلُّوهُ﴾، ابتدره سبعون ألف ملك، أيهم يجعل الغل في عنقه. ﴿ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ﴾ أي: اغمروه فيها.

وقوله: ﴿ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ﴾، قال كعب الأحبار: كل حلقة منها قدر حديد الدنيا، وقال العَوفي عن ابن عباس، وابن جريج: بذراع الملك. وقال ابن جريج، قال ابن عباس: ﴿فَاسْلُكُوهُ﴾: تدخل في استه ثم تخرج من فيه، ثم ينظمون فيها كما ينظم الجراد في العود حين يشوى. وقال العَوفي عن ابن عباس: يسلك في دبره حتى يخرج من منخريه، حتى لا يقوم [٤] على رجليه.


[١]- سقط من ز.
[٢]- سقط من ز.
[٣]- سقط من ز.
[٤]- في ز: يقو.