للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: ﴿وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (٢٤) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾، أي: في أموالهم نصيب مقرر لذوي الحاجات. وقد تقدم الكلام على ذلك في "سورة الذاريات".

وقوله: ﴿وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ﴾، أي: يوقنون بالمعاد والحساب والجزاء، فهم يعملون عمل من يرجو الثواب ويخاف العقاب. ولهذا قال: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ﴾، أي: خائفون وجلون، ﴿إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيرُ مَأْمُونٍ﴾، أي: لا يأمنه أحد ممن عَقل عن الله أمره إلا بأمان من الله .

وقوله: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ﴾، أي: يكفونها عن الحرام ويمنعونها أن توضع في غير ما أذن الله. ولهذا قال: ﴿إلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيمَانُهُمْ﴾، أي: من الإِماء، ﴿فَإِنَّهُمْ غَيرُ مَلُومِينَ (٣٠) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ﴾. وقد تقدم تفسير هذا [١] في أول سورة: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ﴾ بما أغنى عن إعادته هاهنا.

وقوله: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ﴾ أي: إذا اؤتمنوا لم يخونوا، وإذا عاهدوا لم يغدروا. وهذه صفات المؤمنين، وضدها صفات المنافقين، كما ورد [في الحديث، [٢] الصحيح (١٨): " آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد [٣] أخلف، وإذا اؤتمن خان"، وفي رواية: "إذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر" وقوله: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ [٤] قَائِمُونَ﴾، أي: محافظون عليها لا يزيدون فيها [٥]، ولا ينقصون منها [٦]، ولا يكتمونها، ﴿وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ﴾ ".

ثم قال: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ﴾ أي: على مواقيتها وأركانها وواجباتها ومستحباتها، فافتتح الكلام بذكر الصلاة واختتمه بذكرها، فدل على الاعتناء بها والتنويه بشرفها، كما تقدم في أول [٧] سورة: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ﴾، سواء. ولهذا قال هناك: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (١٠) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾.

وقال هاهنا: ﴿أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ﴾ أي: مكرمون بأنواع الملاذ والمسار.

﴿فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ (٣٦) عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ (٣٧) أَيَطْمَعُ كُلُّ


(١٨) تقدم تخريجه في أول سورة الصف.