للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسلم. وقال الثوري، وشعبة، وعيسى بن يونس وعبثر [١] بن القاسم، ومحمد بن فضيل، ووكيع، ويحيى القطان، وأبو معاوية، كلهم عن الأعمش، عن المسيب بن رافع، عن تميم بن طرفة، عن جابر بن سمرة: أن رسول الله خرج عليهم وهم حلق، فقال: "ما لي أراكم عزين؟ ".

رواه أحمد (٢٠)، ومسلم، وأبو داود، والنسائي وابن جرير من [٢] حديث الأعمش به.

وقال ابن جرير (٢١): حدثنا محمد بن بشار، حدثنا مؤمل، حدثنا سفيان [٣]، عن عبد الملك بن عمير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: أن رسول الله خرج على أصحابه وهم حِلَق حِلق، فقال: "ما لي أراكم عزين؟ " وهذا إسناد جيد ولم أره في شيء من الكتب الستة من هذا الوجه.

وقوله: ﴿أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ ﴿(٣٨) كَلَّا﴾، أي: أيطمع هؤلاء - والحالة هذه - من فرارهم عن الرسول ونفارهم عن الحق - أن يدخلوا جنات النعيم؟ لا [٤] بل مأواهم نار الجحيم.

ثم قال تعالى مقررًا لوقوع المعاد والعذاب بهم الذي أنكروا كونه واستبعدوا وجوده مستدلًا عليهم بالبداءة التي الإعادة أهون منها وهم معترفون بها، فقال: ﴿إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ﴾، أي: من [٥] المني الضعيف، كما قال: ﴿أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ﴾، وقال: ﴿فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (٥) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (٦) يَخْرُجُ مِنْ بَينِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (٧) إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (٨) يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (٩) فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ﴾.

ثم قال: ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ﴾، أي: الذي خلق السماوات والأرض، وجعل مشرقًا ومغربًا، وسخر الكواكب تبدو من مشارقها وتغيب في [٦] مغاربها، وتقرير [٧]، الكلام: ليس الأمر كما تزعمون أن لا معاد ولاحساب ولا بعث ولا نشور، بل كل ذلك واقع


(٢٠) أخرجه أحمد (٥/ ٩٣) (٢٠٩٤١). ومسلم في كتاب: الصلاة، باب: الأمر بالسكون في الصلاة … ، حديث (١١٩/ ٤٣٠) (٤/ ٢٠٠ - ٢٠١). وأبو داود في كتاب: الأدب، باب: التحلق، حديث (٤٨٢٣) (٤/ ٢٥٨). والنسائي في كتاب: التفسير، باب: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا﴾، حديث (١١٦٢٢) (٦/ ٤٩٨). والطبري (٢٩/ ٨٦).
(٢١) أخرجه الطبري (٢٩/ ٨٥ - ٨٦).