وقال أبو العالية، والربيع، وزيد بن أسلم: ﴿رهقًا﴾، أي: خوفًا. وقال العوفي: عن ابن عباس: ﴿فزادوهم رهقا﴾، أي: إثمًا. وكذا قال قتادة. وقال مجاهد: زاد الكفار طغيانًا.
وقال ابن أبي حاتم (١): حدثنا أبي، حدثنا فروة بن أبي المغراء الكندي، حدثنا القاسم بن مالك -يعني المزني [١]- عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن أبيه، عن كَردم بن أبي السائب الأنصاري قال: خرجت مع أبي من المدينة في حاجة، وذلك أول ما ذكر رسول الله ﷺ بمكة، فآوانا المبيت إلى راعي غنم. فلما انتصف الليل جاء ذئب فأخذ حَملا من الغنم، فوثب الراعي فقال: يا عامر الوادي، جارك. فنادى مناد [لا نراه، يقول:][٢] يا سرحان، أرسله. فأتى الحمل يشتد، حتى دخل في الغنم لم تصبه كدمة. وأنزل الله تعالى على رسوله بمكة: ﴿وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا﴾.
ثم قال: ورُوي عن عبيد بن عمير، ومجاهد، وأبي العالية، والحسن، وسعيد بن جبير، وإبراهيم النخعي، نحوه. وقد يكون هذا الذئب الذي أخذ الحمل -وهو ولد الشاة- كان جنيًّا حتى رُهب الإِنسي ويخاف منه، ثم رَدّه عليه لما استجار به، ليضله ويهينه، ويخرجه عن دينه، والله أعلم.
وقوله: ﴿وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا﴾ أي: لن يبعث الله [][٣] بعد هذه المدة رسولا. قاله الكلبي، وابن جرير.
يخبر تعالى عن الجن حين بعث الله رسوله محمدًا ﷺ، وأنزل عليه القرآن، وكان من [٤] حفظه له أن السماء مُلِئَت حرسًا شديدًا، وحفظت من سائر أرجائها، وطردت
(١) ضعيف، أخرجه العقيلي في "الضعفاء الكبير" (١/ ١٠١) في ترجمة إسحاق بن الحارث الكوفي. والطبراني (١٩/ ١٩١ - ١٩٢) (٤٣٠). وأبو الشيخ في "العظمة" (٥/ ١٦٦٤ - ١٦٦٦) (١١٠٥). كلهم من طريق القاسم بن مالك، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن أبيه، عن كردم في أبي السائب=