للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنه ما قال، وأحيانًا يتمثل لي الملك رجلًا فيكلمني فأعي ما يقول".

قالت عائشة: ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد، فيفصم عنه، وإن جبينه ليتفصد عرقًا. هذا لفظه.

وقال الإِمام أحمد (١١): حدثنا سليمان بن داود، أخبرنا عبد الرحمن، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: إن كان ليوحَى إلى رسول الله وهو على راحلته، فتضرب بجرانها.

وقال ابن جرير (١٢): حدثنا ابن عبد الأعلى، حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن هشام بن عروة، عن أبيه: أن النبي كان إذا أوحي إليه وهو على ناقته، وسمعت جرَانها، فما تستطيع أن تحرك حتى يُسَرّى عنه. وهذا مرسل. الجران، وهو باطن العنق.

واخنار ابن جرير أنه ثقيل من الوجهين معًا، كما قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: كما ثقل في الدنيا ثقل يوم القيامة في الموازين:

وقوله: ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا﴾: قال أبو إسحاق عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: نشأ: قام بالحبشة.

وقال عمر، وابن عباس، وابن الزبير: الليل كله ناشئة. وكذا قال مجاهد، وغير واحد قال: نشأ: إذا قام من الليل. وفي رواية عن مجاهد: بعد العشاء. وكذا قال أبو [١] مِجْلَز وقتادة، وسالم وأبو حازم، ومحمد بن [٢] المنكدر.

والغرض أن ناشئة الليل هي: ساعاته وأوقاته، وكل ساعة منه تسمى ناشئة، وهي الآنات [٣]. والمقصود أن قيام الليل هو أشدّ مواطأة دين القلب واللسان، وأجمع على التلاوة؟ ولهذا قال: ﴿هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا﴾، أي: أجمع للخاطر في أداء القراءة وتفهمها من قيام النهار؛ لأنّه وقتُ انتشار الناس، ولَغَط الأصرات، وأوقات المعاش.

و [٤] قال الحافظ أبو [٥] يعلى الموصلي (١٣): حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري، حدثنا


(١١) أخرجه أحمد (٦/ ١١٨) (٢٤٩٨٠). قال الهيثمي في "المجمع" (٨/ ٢٦٠): رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.
(١٢) أخرجه الطبري (٢٩/ ١٢٧).
(١٣) أخرجه أبو يعلى (٧/ ٨٨) (٤٠٣٣). قال البزار: لا نعلم رواه عن الأعمش إلا الحماني، وإنما =