للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبو أسامة، حدثنا الأعمش: أن أنس بن مالك قرأ هذه الآية: ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا﴾. فقال له رجل: إنما نقرؤها ﴿وَأَقْوَمُ قِيلًا﴾ فقال له: أن أصوب وأقوم وأهيأ وأشباه هذا واحد.

ولهذا قال: ﴿إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَويلًا﴾، قال ابن عباس، وعكرمة، وعطاء بن أبي مُسلم: الفراغ والنوم، وقال أبو العالية، ومجاهد، وأبو مالك، والضحاك، والحسن، وقتادة، والربيع بن أنس، وسفيان الثوري: فراغًا طويلًا. وقال قتادة: فراغًا وبغيةً ومنقلبًا. وقال السدي: ﴿سَبْحًا طَويلًا﴾: تطوعًا كثيرًا.

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله: ﴿سَبْحًا طَويلًا﴾، قال: لحوائجك، فأفْرغ لدينك الليل. قال: وهذا حين كانت صلاة الليل فريضة، ثم إن الله من على العباد فخففها ووضعها، وقرأ: ﴿قُمِ اللَّيلَ إلا قَلِيلً﴾ إلى آخر الآية، ثم قال: ﴿نَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيلِ﴾ حتى بلغ: ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ﴾ [الليل نصفه أو ثلثه. ثم جاء أمر أوسع وأفسح وضع الفريضة عنه وعن أمته فقال:] [١] وقال: ﴿وَمِنَ اللَّيلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا﴾. وهذا الذي قاله كما قاله.

والدليل عليه ما رواه الإمام أحمد (١٤) في مسنده حيث قال: حدثنا يحيى، حدثنا سعيد بن أبي عَرُوبة، عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن سعد [٢] بن هشام: أنه طلق امرأته ثم ارتحل إلى المدينة ليبيع عقارًا له بها ويجعله في الكراع والسلاح، ثم يجاهد الروم حتى يموت، فلقي رهطًا من قومه فحدثوه أن رهطًا من قومه ستةً أرادوا ذلك على عهد رسول الله فقال: "أليس لكم في أسوة؟ " فنهاهم عن ذلك، فأشهدهم على رَجعتها، ثم رجع إلينا فأخبرنا أنه أتى ابن عباس فسأله عن الوتر فقال: ألا أنبئك بأعلم أهل الأرض بوتر رسول الله ؟ قال: نعم. قال: ائت عائشة فاسألها ثم ارجع إليّ فأخبرني بردّها عليك. قال: فأتيت على حَكيم بن أفلحَ فاستلحقتُه إليها، فقال: ما أنا بقاربها. إني نهيتها أن تقول في هاتين الشّيعَتَين شيئًا، فأبت فيهما إلا مُضِيًّا. فأقسمتُ عليه، فجاء معي، فدخلنا عليها فقالت: حكيم؟ -وعرفته- قال: نعم. قالت: من هذا معك؟ قال: سعد [٣] بن هشام. قالت: من هشام؟ قال: ابن عامر. قال [٤]: فترحمت [٥] عليه وقالت: نعم المرء


= ذكرت ذلك لأبين أن الأعمش سمع من أنس. ا هـ. قال الهيثمي في "المجمع" (٧/ ١٥٩): رواه البزار (١٥٦٠ - مختصر)، وأبو يعلى … ورجال أبي يعلى رجال الصحيح ورجال البزار ثقات. ا هـ.
(١٤) أخرجه أحمد (٦/ ٥٣ - ٥٤) (٢٤٣٨٠). وأخرجه مسلم في كتاب: صلاة المسافرين وقصرها =