للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حصيرًا يُصَلي عليه من الليل، فتسامع الناس به [١] فاجتمعوا، فخرج كالمغضَب -وكان بهم رحيمًا، فخشي أن يكتب عليهم قيام الليل- فعَال: "أيها الناس، اكلَفُوا من الأعمال ما تطيقون، فإن الله لا يَمَلّ من الثواب حتى تملوا من العمل، وخير الأعمال ما ديمَ عليه"، ونزل القرآن: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١) قُمِ اللَّيلَ إلا قَلِيلًا (٢) نِصْفَهُ أَو انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (٣) أَوْ زِدْ عَلَيهِ﴾، حتى كان الرجل يربط الحبل ويتعلق، فمكثوا بذلك ثمانية أشهر، فرأى الله ما يبتغون من رضوانه، فرحمهم فردهم إلى الفريضة، وترك قيام الليل.

ورواه ابن أبي حاتم من طريق موسى بن عبيدة الربذي [٢]، وهو ضعيف. والحديث في الصحيح (١٥). بدون زيادة نزول هذه السورة، وهذا السياق قد يُوهم أن نزول هذه السورة بالمدينة، وليس كذلك، وإنما هي مكية. وقوله في هذا السياق: إن بين نزول أولها وآخرها ثمانية أشهر غريب؛ فقد تقدم في رواية أحمد أنه كان بينهما سنة.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا أبو أسامة، عن مسعر، عن سماك الحنفي، سمعت ابن عباس يقول: أول ما نزل أول المزمل، كانوا يقومون نحوًا من قيامهم في شهر رمضان، وكان بين أولها وآخرها قريب من سنة.

وهكذا رواه ابن جرير عن أبي كريب، عن أبي أسامة به (١٦).

وقال الثوري ومحمد بن بشر العَبدي (١٧)، كلاهما عن مسعر، عن سماك، عن ابن عباس: كان بينهما سنة. وروى ابن جرير (١٨)، عن أبي كريب، عن وكيع، عن إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس مثله.

وقال ابن جرير (١٩): حدثنا ابن حميد، حدثنا [٣] مهران، عن سفيان، عن قيس بن وهب، عن أبي عبد الرحمن قال: لما نزلت: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ﴾، قاموا حولًا حتى ورمت أقدامهم وموقهم، حتى نزلت: ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ﴾ قال: فاستراح الناس.


(١٥) أخرجه البخاري في كتاب: الأذان، باب: صلاة الليل، حديث (٧٣٠) (٢/ ٢١٤)، وطرفه في [٥٨٦١]. ومسلم في كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: فضيلة العمل الدائم من قيام الليل وغيره، حديث (٢١٥/ ٧٨٢) (٦/ ١٠٠). كلاهما من طريق أبي سلمة عن عائشة .
(١٦) تفسير الطبري (٢٩/ ١٢٤).
(١٧) تفسير الطبري (٢٩/ ١٢٥) من طريق محمد بن بشر.
(١٨) تفسير الطبري (٢٩/ ١٢٦).
(١٩) تفسير الطبري (٢٩/ ١٢٦).