وقال ابن أبي حاتم:[حدثنا أبو زرعة، حدثنا عُبَيد الله بن عمر القواريري، حدثنا معاذ بن هشام، حدثنا أبي][١] عن قتادة، عن زُرارة بن أوفى؛ عن سعد [٢] بن هشام قال: فقلت -يعني لعائشة-: أخبرينا عن قيام رسول الله ﷺ. قالت: ألست تقرأ: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ﴾؟ قلت: بلى. قالت: فإنها كانت قيام رسول الله ﷺ وأصحابه حتى انتفخت أقدامهم، وحُبس آخرها في السماء ستةَ عشرَ شهرًا، ثم نزل.
وقال معمر عن قتادة: ﴿قُمِ اللَّيلَ إلا قَلِيلًا﴾ قاموا حولًا أو حولين، حتى انتفخت سُوقهم وأقدامهم، فأنزل الله تخفيفها بعد في آخر السورة.
وقال ابن جرير (٢٠): حدثنا ابن حُميد، حدثنا يعقوب القمي، عن جعفر، عن سعيد -هو ابن جبير- قال: لما أنزل الله على نبيه ﷺ: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ﴾، قال، مكث النبي ﷺ على هذه الحال عشر سنين يقوم الليل كما أمره، وكانت طائفة من أصحابه يقومون معه، فأنزل الله عليه بعد عشر سنين: ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ﴾ إلى قوله: ﴿وَأَقِيمُوا [٣] الصَّلَاةَ﴾، فخفف الله تعالى عنهم بعد عشر سنين ورواه ابن أبي حاتم، عن أبيه، عن عمرو بن رافع، عن يعقوب القمّي به.
وقال علي بن أبي طلحة: عن ابن عباس في قوله: ﴿قُمِ اللَّيلَ إلا قَلِيلًا (٢) نِصْفَهُ أَو انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (٣) أَوْ زِدْ عَلَيهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾ فأمر الله نبيه والمؤمنين بقيام الليل إلا قليلًا] [٤]، فشق ذلك على المؤمنين، ثم خفف الله عنهم ورحمهم، فأنزل بعد هذا: ﴿عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ﴾ إلى قوله: ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ﴾، فوسع الله -وله الحمد- ولم يضيق.
وقوله: ﴿وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيهِ تَبْتِيلًا﴾، أي: أكثر من ذكره، وانقطع إليه، وتفرغ لعبادته إذا فرغت من أشغالك، وما تحتاج إليه من أمور دنياك، كما قال: ﴿فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (٧)﴾ [الشرح: ٧] أي: إذا فرغت [٥] من مهامك [٦] فانصب في طاعته وعبادته، لتكونَ فارغَ البال. قاله ابن زيد بمعناه أو قريب منه.