للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالوا: يا أبا القاسم، كم عدة خزنة أهل النار؟ قال: "هكذا"، وطبق كفيه، ثم طبق كفيه، مرتين، وعقد واحدة، وقال لأصحابه: "إن سئُلتم عن تُربة الجنة فهي الدَّرمك". فلما سألوه فأخبرهم بعدة خزنة أهل النار، قال لهم رسول الله : "ما تربة الجنة؟ " فنظر بعضهم إلى بعض، فقالوا: خبزة يا أبا القاسم. فقال: "الخبز من الدّرمَك".

وهكذا رواه الترمذي (١٤) عند هذه الآية عن ابن أبي عمر، عن سفيان، به. وقال هو والبزار: "لا نعرفه إلا من حديث مجالد".

وقد رواه الإمام أحمد (١٥)، عن علي بن المديني، عن سفيان، فقص الدرمك فقط.

﴿وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إلا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إلا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إلا هُوَ وَمَا هِيَ إلا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ (٣١) كَلَّا وَالْقَمَرِ (٣٢) وَاللَّيلِ إِذْ أَدْبَرَ (٣٣) وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ (٣٤) إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ (٣٥) نَذِيرًا لِلْبَشَرِ (٣٦) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ (٣٧)

يقول تعالى: ﴿وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ﴾، أي: خُزانها ﴿إلا مَلَائِكَةً﴾، أي: غلاظًا شدادًا. وذلك ردٌّ على مشركي قريش حين ذكر [١] عدد الخزنة، فقال أبو جهل: يا معشر قريش؛ أما يستطيع كل عشرة منكم لواحد منهم فتغلبونهم؟، فقال الله: ﴿وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إلا مَلَائِكَةً﴾، أي: شديدي الخَلْق لا يقاومون ولا يغالبون. وقد قيل: إن أبا الأشدين - واسمه: كَلَدة بن أسيد بن خلف - قال: يا معشر قريش؛ اكفونى منهم اثنين وأنا أكفيكم [٢] سبعة عشر، إعجابًا منه بفسه، وكان قد بلغ من القوة فيما يزعمون أنه كان يقف على جلد البقرة ويجاذبه عشرة لينتنرعوه من تحت قدميه، فيتمزق الجلد ولا يتزحزح عنه. قال السهيلي: وهو الذي دعا رسول الله إلى مصارعته، وقال: إن عرضني آمنت بك.


(١٤) سنن الترمذي، كتاب: تفسير القرآن، باب: ومن سورة المدثر، حديث (٣٣٢٤) (٩/ ٦٤ - ٦٥).
(١٥) المسند (٣/ ٣٦١) (١٤٩٢٧).